ذكرنا به ذكرناه ولا يخفى علينا الحال فيه، ألا ترى أن من نشأ ببلد من البلاد
---
= يريد: أن الحوافر تذل الاكم بوطئها عليها، وقال آخر: سجودا له عانون يرجون فضله * وترك ورهط الاعجمين وكابل يريد: أنهم يطيعون له، وخبر عن طاعتهم بالسجود، وقوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) (فصلت: 11) وهو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام، ولا السماء قالت قولا مسموعا، وإنها أراد أنه عهد إلى السماء فخلقها فلم يتعذر عليه صنعها، وكأنه لما خلقها قال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها فلما انفعلت بقدرته كانتا كالقائل: أتينا طائعين، ومثله قوله تعالى: (يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد) (ق: 30) والله تعالى يجل عن مخاطبة النار وهي مما لا تعقل ولا تتكلم، وإنما [ هو ] الخبر عن سعتها وأنها لا تضيق بمن يحلها من المعاقبين، وذلك كله على مذهب أهل اللغة وعادتهم في المجاز ألا ترى إلى قول الشاعر: وقالت له العينان سمعا وطاعة * وحدرتا كالدر لما يثقب والعينان لم تقولا وولا مسموعا، ولكنه أراد منهما البكاء فكانتا كما أراد من غير تعذر عليه، ومثله قول غيره [ عنترة ]: ازور عن وقع القنا بلبانه * وشكى إلي بعبرة وتمحم والفرس لا يشتكي قولا ولكنه ظهر منه علامة الخوف أو الجزع. ومنه قول الاخر: (شكى إلي جملي طول السرى) * *. والجمل لا يتكلم لكنه لما ظهر منه النصب، والوصب لطول السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون كالنطق والكلام، ومنه قوله: امتلا الحوض وقال قطني * حسبك مني قدملات بطني والحوض لم يقل قطني ولكنه لما امتلا بالماء عبر عنه بأنه قال حسبي، ولذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب ومنظومه وهو من الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الاية، والله تعالى = * اللبان: الصدر أو ما بين الثديين، وأكثر استعماله لصدر ذات الحوافر كالفرس. چ. * * آخر الشعر: يا جملي ليس إلي المشتكى * صبر جميل فكلانا مبتلى. چ.
--- [ 86 ]
Shafi 85