Zamanin Tashi: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashi na Biyu)
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Nau'ikan
1 (1) وفاة أبي طالب وخديجة، وخروج النبي إلى الطائف
استمر الرسول في دعوته لا يحجزه عن العمل لنشر الإسلام حاجز، فكان يعرض نفسه على القبائل، ويلقاهم في المواسم فيعرض عليهم ما أوحى إليه ربه، وينفرهم من عبادة الأوثان، فكان منهم من يجيب، ومنهم من يكفر، وقريش لا تفتر تخاصمه وتصد عن سبيل الله، وهو صامد مجاهد، إلى أن حلت السنة العاشرة للبعثة، وقد انتشر الإسلام في أكثر القبائل، والرسول قرير العين مشروح الصدر، إلى أن فوجئ بوفاة عمه أبي طالب ثم بوفاة خديجة، فحزن لفقدهما أشد الحزن، وتتابعت عليه المصائب؛ فقد كان أبو طالب خير عون وعضد، وكانت خديجة خير ناصر وركن يلجأ إليه ويسكن عنده، فلما هلك أبو طالب نالت قريش منه بعد أن فاوضوه في المهادنة، وأن يتركهم وعبادتهم وآلهتهم فأبى، فأخذت تهينه وتؤذيه، فاضطر إلى أن يخرج إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف.
فلما وصلها قصد أبناء عمرو بن عمير، وهم وجوه الطائف، فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا وأغروا به سفهاءهم يسبونه، فلجأ إلى بستان لعتبة بن ربيعة وأخيه شيبة بن ربيعة، وجلس تحت ظل كرمة وأبناء ربيعة ينظران إليه ويسمعان قوله وهو يخاطب ربه قائلا: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب العالمين، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.» فلما سمعا ذلك ورأيا سوء حاله تحركت رحمهما، فدعوا غلاما لهما نصرانيا اسمه عداس فقالا له: خذ قطفا من العنب فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل عداس ثم أقبل بين يدي رسول الله فقدم إليه الطبق، فقال: «باسم الله.» ثم أكل، فقال عداس: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول الله: «ومن أهل أي بلاد أنت؟» فقال: أنا نصراني من أهل نينوى. فقال رسول الله: «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى.» فقال عداس: وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله: «ذاك أخي، كان نبيا وأنا نبي.» فأكب عداس على الرسول يقبل رأسه ويديه وقدميه. ثم إن رسول الله لما رأى سوء وضع أهل الطائف رجع إلى مكة ودأب على الدعوة إلى الله، وعرض نفسه على القبائل كلما قدمت إلى الحج. (2) إسلام الأوس والخزرج
في سنة 11 للبعثة قدم من يثرب أنس بن رافع وإياس بن معاذ الخزرجيان في نفر من قومهما، على قريش في مكة يلتمسون الحلف مع قريش على قومهم من الخزرج، فسمع بهم الرسول، وجلس إليهم، فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، ورجعوا إلى يثرب، فجرت بينهم وبين الأوس وقعة «يوم بعاث». ثم إن قوما من الخزرج قدموا إلى مكة، فلقيهم الرسول ودعاهم إلى الإسلام، وقرأ عليهم القرآن فأسلموا، ووعدوه أن يدعوا قومهم إلى دينه إذا رجعوا إلى يثرب، وأنهم سيقدمون عليه، فلما فارقوا المدينة دأبوا على الدعوة إلى الإسلام، فدخل كثير من الأوس والخزرج، ولم تبق دار في يثرب إلا دخلها الإسلام. فلما كان العام المقبل وافى من مسلمي يثرب اثنا عشر رجلا منهم من لقيهم النبي بالعقبة - وهي المعروفة بالعقبة الأولى - فبايعوه ببيعة النساء - وذلك قبل أن يفترض الحرب - على ألا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه من بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصون الله والرسول في معروف.
ثم إنهم لما انصرفوا إلى قومهم بعث معهم الرسول مصعب بن عمير المقرئ ليعلمهم القرآن، فكان يصلي بهم ويقرئهم، فلما كان الموسم القادم في السنة الثانية خرج في نفر منهم إلى مكة، فقدم على رسول الله ومعه وجوه أهل يثرب، فبايعوا رسول الله بيعة العقبة الثانية، وهي بيعة الحرب بعد أن كانت الأولى بيعة النساء، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، فبايعوا على أن يمنعوا رسول الله مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم، وقال لهم الرسول: «أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم.» فأخرجوا أسعد بن زرارة، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك، والبراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو، وسعد بن عبادة، وعبادة بن الصامت، والمنذر بن عمرو من الخزرج، وأسيد بن خضير، وسعد بن خيثمة، ورفاعة بن عبد المنذر من الأوس، وبعضهم يعد أبا الهيثم بن التيهان ولا يعد رفاعة. ثم إن الرسول قال لهم: «أنتم على قومكم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي.» ثم إن القوم قدموا إلى المدينة وأظهروا الإسلام بها.
قال ابن إسحق: فلما أذن الله له
صلى الله عليه وسلم
في الحرب، وتابعه هذا الحي من الأنصار - الأوس والخزرج - على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه، أمر رسول الله أصحابه من أهل مكة بالهجرة إلى المدينة واللحوق بإخوانهم من الأنصار، وقال: «إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها.» فخرجوا أرسالا، وأقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج، ولم يتخلف معه إلا علي وأبو بكر وبعض من لم يخف على نفسه من إيذاء قريش التي رأت ما تم من أمر الهجرة، فائتمرت يوما في دار الندوة واتفق رأي زعمائها على قتل محمد، وعرف الرسول بذلك، فطلب إلى علي أن ينام في منزله وعلى فراشه، وعزم هو
صلى الله عليه وسلم
على أن يهاجر تلك الليلة من المدينة إلى مكة.
Shafi da ba'a sani ba