185

============================================================

ذكر موسى عليه الشلام وتشاتم الرجال ونظر العسكران بعضهم إلى بعض فقالت بنو إسرائيل: إنا لمدركون ل قال كلا إن معى ربي سيهدين [الشعراء: الآيتان 61، 12] فأرسل عليهم الضباب حتى نزل بين العسكرين فحال بينهما فلم ير بعضهم بعضا فنزل فرعون وقال لقومه: انزلوا حتى يتعالى النهار ويرتفع الضياب فإنه لا مخلص لهم البحر آمامهم ونحن من خلفهم وجعلت بنو إسرائيل تقول لموسى لم تتركنا في مصر حتى نعيش فيها ونخدم فرعون فالآن إن اقتحمنا البحر غرقنا وإن رجعنا خلفنا أو أقمنا يقتلنا فرعون وجعل يشاور بعضهم بعضا ويقول: أما موسى فإنه نبي الله تعالى وهو منجيه، وأما نحن فنخاف أن الله يريد أن يعذبنا بذنوبنا فنهلك، فلما رأى موسى حال قومه وما داخلهم من الفزع دعا الله أن يسخر له البحر ثم قال للبحر اسخر لي فقال البحر: إني لا أؤمر في بابك بشيء فأتى موسى خازن البحر فسأله هل أوحى الله تعالى في أمرنا فقال: إن الله تعالى أمر البحر أن ينفلق لك إذا ضربته بالعصا، وفي بعض الروايات أن موسى قال لهم: ادخلوا البحر كما هو فإن الله تعالى يحفظكم ويسلمكم فأبوا ولم يجسروا على ذلك إلا رجلان منهم وهما يوشع بن نون وكالوب بن يوفتا فإنهما دخلا البحر وخاضاه إلى الجانب الآخر ورجعا ولم يضرهما الماء فحيشذ سأل موسى ربه أن ينفلق له البحر، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن آضرب بعصاك البحر [الشعراء: الآية 13] فضربه فلم ينفلق فقيل لموسى كنه، فقال له موسى: انفلق لي يا أبا خالد فانفلق فرقة فرقة فكان كل فرق كالطود العظيو} [الشعراء: الآية 23] وظهر فيه طرق يابسة فقال الله تعالى: فاضرت لهم طريقا فى الخر ببسا} [ططه: الآية 77] قال موسى لقومه: هلموا فمروا فقالوا: ليس ههنا طريق إلا طريق واحد وهو لا يسع لسلوكنا فيه فضرب موسى البحر بعصاه ودعا ربه فظهر في البحر اثتا عشر طريقا لكل سبط طريق فأمرهم بالمرور فقالوا له: يا موسى إن غرق بعضنا لم يرهم الآخرون فدعا موسى ربه فصير في البحر آبوابا وسط الماء ينظر بعضهم إلى بعض وأمرهم يدخوله فقالوا: يا موسى إن أسفل البحر طين ووحل شديد لا يمكن لدوابنا المرور فيه فدعا موسى ربه فأرسل الله الريح حتى أيبست الطين وأمر موسى قومه بالدخول فدخلوا ومروا وجاوزوا البحر سالمين قال الله تعالى: وجلوزنا ببنى إسرهيل [الأعراف: الآية 138] فلما جاوزنا أراد موسى آن يأمر البحر فيلتثم ماؤه لثلا يمكن فرعون العبور خلفه فأوحى الله تعالى إليه أن اترك البحر على حاله قال الله تعالى: وأنتر البحر رهوا} [الدخان: الآية 24] أي ساكنا إنهم جند مغرقون [الدخان: الآية 24] كما هو واسعا مفتوحا ليدخله فرعون فإني أريد أن أغرقه فيه فمر موسى بقومه وارتفع الضباب حتى تعالى التهار فنظر فرعون وجنوده فلم يروا أحذا فتعجبوا فأقبل فرعون على فرس له وهو حصان آدهم حتى وقف

Shafi 185