بعد موته ابنته وولي تدريس مدرسة الشرابيشية نحو سبعة عشر سنة ودرس قبلها بحلقة ابن صاحب حمص ومسجد الكوجك ثم تركه وولي قضاء المالكية مرتين، الأولى منهما جاءه توقيع السلطان المنصور علي بن الأشرف في اَخر دولته كان فيه نائبه عشقتمر فلم يقبل وذلك في صفر سنه ثلاث وثمانين، والثانية في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين، قيل وباشر مدة ثلاث سنين وأيام، وكان سمع موطأ يحيى بن يحيى على أبي عبد الله محمد بن جابر الوادي آشي سنة ثلاث وثلاثين وحفظه وعرضه وحدّث به، وقرأت عليه أكثره وسمع غير ذلك، وسمع ..... صحيح مسلم على شيخه صدر الدين الغماري بسماعه من الشيخ شرف الدين الفزاري بسماعه من شيوخه، وكان رجلًا فاضلًا في علوم من الفقه والأصلين والعربية واشتغل على الشافعية، وكان يخالطهم أكثر من المالكية ويلقي دروسًا حسانًا وهو فصيح العبارة وكان يعاشر الأكابر لأنه كان حسن المحاضرة حلو العبارة، توفي يوم السبت تاسع عشره ضحى النهار فجأة بإيوان المدرسة الشرابشية، خرج من الحمام وجاء إلى المدرسة فأغمي عليه فمات، فجاء القاضي المالكي وجماعة فسارعوا إلى الأخذ في غسله والصلاة عليه ودفن بالمزة (١) بعد العصر، وقلّ من حضر جنازته لقلة الناس بالبلد فأكثرهم كانوا يتفرجون في زهر اللوز بلغ سبعًا وسبعين سنة، وعمل عزاؤه من الغد بحلقة المالكية بالجامع وحضره القضاة والناس.
_________
(١) المزه - قال ياقوت -قرية كبيرة في وسط بساتين دمشق- معجم البلدان ٥/ ١٤٤ (١٢٠٣).
1 / 51