[١٥٢] إِذا نُودي للصَّلَاة أدبر الشَّيْطَان زَاد مُسلم حَتَّى يكون مَكَان الروحاء قَالَ الرَّاوِي وَهِي من الْمَدِينَة سِتَّة وَثَلَاثُونَ ميلًا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ إِبْلِيس وَيحْتَمل أَن المُرَاد جنس شَيْطَان الْجِنّ لَهُ ضراط جملَة اسمية وَقعت حَالا بِدُونِ وَاو لحُصُول الارتباط بالضمير وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَله بِالْوَاو وَقَالَ القَاضِي عِيَاض يُمكن حمله على ظَاهره لِأَنَّهُ جسم منفذ يَصح مِنْهُ خُرُوج الرّيح وَيحْتَمل أَنه عبارَة عَن شدَّة خَوفه ونفاره حَتَّى لَا يسمع النداء أَو يصنع ذَلِك اسْتِخْفَافًا كَمَا يَفْعَله السُّفَهَاء وَيحْتَمل أَنه لَا يعمد ذَلِك بل يحصل لَهُ عِنْد سَماع الْأَذَان شدَّة خوف يحصل لَهُ ذَلِك الصَّوْت بِسَبَبِهَا وَيحْتَمل أَن يتَعَمَّد ذَلِك ليناسب مَا يُقَابل الصَّلَاة من الطَّهَارَة بِالْحَدَثِ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا أدبر الشَّيْطَان عِنْد الْأَذَان لِئَلَّا يسمعهُ فيضطر إِلَى أَن يشْهد لَهُ بذلك يَوْم الْقِيَامَة وَقيل لعظم أَمر الْأَذَان لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من قَوَاعِد التَّوْحِيد وَإِظْهَار شعار الْإِسْلَام وإعلانه وَقيل ليأسه من وسوسته للْإنْسَان عِنْد الاعلان بِالتَّوْحِيدِ قَالَ بن الْجَوْزِيّ فَإِن قيل كَيفَ يهرب الشَّيْطَان من الْأَذَان وَيَدْنُو فِي الصَّلَاة وفيهَا الْقُرْآن ومناجاة الْحق ﷿ فَالْجَوَاب أَن بعده عِنْد الْأَذَان لغيظه من ظُهُور الدّين وَغَلَبَة الْحق وعَلى الْأَذَان هَيْبَة يشْتَد انزعاجه لَهَا وَلَا يكَاد يَقع فِيهِ رِيَاء وَلَا غَفلَة عِنْد النُّطْق بِهِ لِأَن النَّفس لَا تحضره وَأما الصَّلَاة فَإِن النَّفس تحضر فَيفتح لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الوسواس وَقَالَ بن أبي جَمْرَة الْأَذَان إِعْلَام بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أفضل الْأَعْمَال بِأَلْفَاظ هِيَ من الذّكر لَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا بل تقع على وفْق الْأَمر فيفر من سماعهَا وَأما الصَّلَاة فَلَمَّا يَقع من كثير من النَّاس فِيهَا من التَّفْرِيط فيتمكن من المفرط فَلَو قدر أَن الْمُصَلِّي وفى بِجَمِيعِ مَا أَمر بِهِ فِيهَا لم يقر بِهِ إِذا كَانَ وَحده وَهُوَ نَادِر وَكَذَا إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ مثله فَإِنَّهُ يكون أندر فَإِذا قضي النداء أقبل زَاد مُسلم فوسوس حَتَّى إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ بِضَم الْمُثَلَّثَة وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة أَي أُقِيمَت وَأَصله من ثاب إِذا رَجَعَ ومقيم الصَّلَاة رَاجع إِلَى الدُّعَاء إِلَيْهَا فَإِن الْأَذَان دُعَاء إِلَى الصَّلَاة والاقامة دَعَا إِلَيْهَا حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه هُوَ بِضَم الطَّاء وَكسرهَا حَكَاهُمَا القَاضِي عِيَاض فِي الْمَشَارِق قَالَ وضبطناه عَن المتقنين بِالْكَسْرِ وسمعناه من أَكثر الروَاة بِالضَّمِّ قَالَ وَالْكَسْر هُوَ الْوَجْه وَمَعْنَاهُ يوسوس وَهُوَ من قَوْلهم خطر الْفَحْل بدنه إِذا حركه فَضرب بِهِ فَخذيهِ وَأما بِالضَّمِّ فَمن السلوك وَالْمرَاد أَن يدنو مِنْهُ فيمر بَينه وَبَين قلبه فيشغله عَمَّا هُوَ فِيهِ وَبِهَذَا فسر الشارحون للموطأ وبالأول فسره الْخَلِيل وَقَالَ الْبَاجِيّ فيحول بَين الْمَرْء وَبَين مَا يُرِيد من نَفسه من إقباله على صلَاته وإخلاصه انْتهى اذكر كَذَا قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَذَا أَعم من أَن يكون فِي أُمُور الدُّنْيَا أَو فِي أُمُور الدّين كَالْعلمِ لما لم يكن يذكر زَاد مُسلم من قبل أَي لشَيْء لم يكن على ذكره قبل دُخُوله فِي الصَّلَاة وَمن هُنَا استنبط أَبُو حنيفَة للَّذي شكا إِلَيْهِ أَنه دفن مَالا ثمَّ لم يهتد لمكانه أَن يُصَلِّي ويحرص على أَن لَا يحدث نَفسه بِشَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فَفعل فَذكر مَكَان المَال فِي الْحَال حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بالظاء المشالة الفتوحة بِمَعْنى يصير وبكسر همزَة إِن بِمَعْنى مَا أَو لَا النافية وَرُوِيَ بِفَتْح الْهمزَة ونسبها ابْن عبد الْبر لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرُوِيَ بالضاد الساقطة مَكْسُورَة بِمَعْنى ينسى ومفتوحة بِمَعْنى يتحير من الضلال وَهُوَ الْحيرَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَيست رِوَايَة فتح أَن بِشَيْء إِلَّا مَعَ رِوَايَة الضَّاد الساقطة فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل فِي تَأْوِيل الْمصدر فِي مَوضِع مفعول صل أَو بِإِسْقَاط حرف لجر أَي يضل من درايته وَكَذَا قَالَ القَاضِي عِيَاض لَا يَصح فتحهَا إِلَّا على رِوَايَة من روى يضل بِكَسْر الضَّاد فَتكون أَن مَعَ الْفِعْل مَفْعُوله أَي يجهل درايته وينسى عدد ركعاته قَالَ بن دَقِيق الْعِيد وَلَو روى هَذَا الْوَجْه حَتَّى يضل الرجل بِضَم أَوله لَكَانَ وَجها صَحِيحا يُرِيد حَتَّى يضل الشَّيْطَان الرجل عَن دراية كم صلى قَالَ وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ كَذَا لكنه لَو روى لَكَانَ صَحِيحا فِي الْمَعْنى غير خَارج عَم مُرَاده ﷺ
1 / 69