والحزن إن كان حاصلا فلا معنى لطلبه، وإن كان غير حاصل فليس ذلك من عادة المحب، اللهم إلا أن يقال: إنه حاصل، فيراد بطلبه الرضى به أو زيادته. و(ألف) << تجمدا>> للعينيين، ومعنىالبيت: ستطيب نفسي أو تطيب الآن، على ما مر أن السين فيه للبعد وهو الاستقبال أو للتأكيد، وهي موضوعة للاستقبال والتأكيد معا مطابقة، واستعمالها للتأكيد مطابقة أيضا؛ لأن المجاز مطابقة كالحقيقة، وإنما التضمن مراعاة الجزء في ضمن مراعاة الكل تضمن وأوطنها على فراق الأحبة والبعد عنهم لا توصل بذلك إلى قربكم وأتحمل حزنا على بعدهم مفيضا للدموع لا توصل إلى سرور مستمر تجمد معه العينان لا تدمعان لعدم الحزن، فإن الصبر مفتاح الفرج، ومع كل عسر يسرا، والشاهد في إفادته السرور بجمود العين، لأن الفرح لا تدمع عينه بالبكاء، وانتقال النفس من تعقد جمودها إلى حصول السرور غير متبادر، فحصل به التعقيد، وإنما المتبادر انتقالها من تعلقه إلى البخل بالدموع، ومن البخل بها إلى انتفاء الحزن، ومن انتفائه إلى ثبوت السرور الحاصل بالملاقاة، ولهذا يقال في الدعاء بالسرور: لا زالت عينك جامدة! فهؤلاء: وسائط بين الجمود والسرور وجمود العين: كناية على كونها لا تدمع، وإن كانت لا تدمع كان لا حزن في عادته . وإيضاح البيت أنه أبقى على مباعدتهم أي هو باعد نفسه وتحمل ذلك صابرا ليترتب على صبره الفرج بالملاقاة. وحزن جزنا يترتب عليه البكاء، والصبر المترتب عليه الفرح بالملاقاة المترتب عليه عدم الدمع. وقيل: استعمل الجمود في خلو العين مطلقا مجازا استعمالا للمقيد في المطلق، ثم يكنى بالمطلق عن السرور.
Shafi 42