واعلم أن التخالف قد حصل بتأويل الشرط بالإرادة كما مر التأويل بها، لكن ليست فائدة كبيرة في التخالف بها لضعف ترتب المدح على إرادته في المقام لاتحاد المراد، والمترتب فيه نظر لأنه يستشعر أولا إرادة مطلق المدح ويوقعه ثانيا بحضرة الناس، وأما ما قيل من أنه يحصل التخالف في العطف بالسببية فغير ظاهر؛ لأن عطف <<الورى>> على ضمير<< أمدح>> لا يفيد السببية، وإن سلمنا بالسببية من حيث إن السبب في باب الشرط عند النحاة ما له إفضاء في الجملة، لا ما يلزم من وجوده الوجود، وإن مدح الشاعر بحضرة الورى قد يفضي إلى مدحهم معه لذكره أوصاف الممدوح الجميلة فيوافقوه، ففيه من القصور في بيان المدح ما لا يخفى، وفيه أيضا أنه لا بد من الإرادة، والإرادة تكون لكونها قلبية لا تتسبب لمدحهم له، لأنهم لا يعلمون بها، والجواب بظهور أمارتها ضعيف، والجواب عن القصور<< أمدحه والورى >> بأنه لا يلزم من ذلك توقف مدح الورى على مدحه، بحيث يلزم من انتفائه انتفاؤه لجواز تعدد أسبابه. وإما أن يقال <<الورى >> مبتدأ خبره <<مع>>، والجملة معطوفة بالواو، ففيه ما في العطف المذكور، وزيادة أن هذه جملة اسمية عطفت على فعلية هي <<أمدحه>> الثاني، والله أعلم.
Shafi 34