<<بإذا>> الدالة على القطع في جانب اللوم لا يناسب مقام المدح؛ فلو أتى ب<<إن>> الدالة على الشك لكان أنسب بالمدح، عابه الزوزني بذلك. وأجيب بأنه استعمل <<إذا>> والماضي لإيهام ثبوت الدعوى، كأنه تحقق منه أنه لامه فلم يشاركه أحد، فهو خاصة للممدوح إذ لامه، قيل ثم إن <<إذا>> مع ذلك تفهم وقوع اللوم بالفعل لدلالتها على الاستقبال، وإيهامه الوقوع لا يخل بذلك لأنه من جهة أخرى. فكلامه غاية في تنزيهه عن استحقاق اللوم، ثم إنه لم يقدر على ذكر ملامته إلا في صورة النفي، لأن صورة <<ما>> صورة نفي وهي زائدة، ثم إن الفعلين على الإرادة أي متى أرد مدحه، وإذا أردت لومه.
والظاهر عندي مع ذلك كله أن المدح واللوم واقعان بالفعل غير مرة بالعرف، وأما الفعل فلا يدل وضعا على تكرار، و<<إن>> أداة الاستقبال لتنزيل الماضي منزلة الآتي، و( الواو ) في قوله <<والورى>> واو الحال و<<معي>> خبر <<الورى>>؛ وهذا أولى من جعلها عاطفة على المستتر في أمدح الثاني، ولو وجد الفاصل، فيكون <<معي>> حالا من <<الورى>> لتبادر كون (الواو) للحال ولموافقة <<وحدي>> في الشطر الثاني فإنه حال، فتتقابل الحالان؛ كأنه قيل: أمدحه في حضرة الناس ولمته في خلوة، والمتبادر أنه لم يرد العطف لأن المعنى عليه أمدحه أنا والورى حال كونهم معي. وهذا المعنى في الظاهر غير مراد أصلا فلا يتكلف له على وجه كون (الواو) للحال أن مدحهم يفيده <<معي>>؛ لأن عناية قولك: والحال أن الورى معي في مدحه تكلف. ومما يقوي كون (الواو) للحال أنه يحصل به تخالف الشرط والجواب، لأن الحال قيد في الجواب. وأما العطف فيتحدان في وجهه، واتحادهم لا يجوز. كذا قيل، وأقول: يحصل التخالف بالعطف، وأما تحصيل التخالف في وجه العطف بجعل العطف على المستتر في <<أمدح>> الأول، أو بجعل المعية في الزمان فتكلف.
Shafi 33