158

المسألة الثانية [ متى يجوز التيمم ] استدل يحيى عليه السلام(1) على أن التيمم لا يجوز إلا في آخر الوقت بأن قال: قد ثبت أن الله تعالى أمر بالتيمم إذا كان الإنسان غير واجد للماء؛ لقوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}[المائدة:6]، وقد ثبت أن الإنسان لا يصير غير واجد للماء، بأن لا يكون الماء في ملكه، ألا ترى أن من أمكنه أن يشتري، أو يستقي، يكون في حكم الواجد، فلا يكون غير واجد إلا إذا يئس منه(2)، ولا يكون آيسا منه إلا في آخر الوقت، فثبت أن التيمم لا يجوز إلا في آخر الوقت.

فإن قيل: إن الذي أمكنه أن يشتريه أو يستسقيه أو (يستشفعه)(3) يكون واجدا له، وإن لم يكن مالكا له، ومن لم يمكنه شيء من ذلك، يكون غير واجد له.

قيل له: لا يعتبر(4) بوجود الماء، وإنما يعتبر(5) أن يتمكن منه، أو يجد السبيل إلى التمكن، أو يطمع في ذلك، ألا ترى أن من وجد الماء مع غيره، وكان واجدا لثمنه، فليس له أن يتيمم، حتى يعلم أنه لا يبيعه، ولا يوصله إليه؟ فثبت أنه يصير غير واجد إذا كان على الصورة التي ذكرنا، وذلك لا يكون إلا في آخر الوقت.

ومن أصحابنا من استدل على ذلك بأن قال: قد ثبت أن الطلب للماء قبل التيمم واجب، وسيجيء ذلك بعد هذه المسألة.

Shafi 158