Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Nau'ikan
وروى أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( جعلت تربتها لنا طهورا، إذا لم نجد الماء ))، يعني الأرض.
وروى ابن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( الصعيد الطيب طهور لمن لم يجد الماء، ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمسسه بشرتك )).
فعلق صلى الله عليه وآله وسلم الحكم بعدم الماء دون المقام والسفر.
فإن قيل: إن الله تعالى علق جواز التيمم مع عدم الماء بالسفر.
قيل له: إنما ذكر سبحانه السفر كما ذكر جملة من الأحداث، ولم يدل ذلك على أنه لا يجوز في غير السفر، كما لا يدل على أنه لا يجزي من سائر الأحداث، وإنما ذكر السفر؛ لإن عدم الماء في غالب الأحوال يكون في السفر، والآية تقتضي جوازه في السفر، وليس فيها ذكر المنع من الإجازة في الحضر، وعموم ما رويناه عمن رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقتضي جوازه في السفر والحضر.
ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف في أن المسافر إذا عدم الماء، يجوز له التيمم، فكذلك الحاضر، والعلة عدم الماء، بدلالة أن المسافر إذا وجد الماء، لم يجز له التيمم، وإذا عدمه جاز ذلك، فعلم أن الحكم تعلق بعدم الماء، على أن هذه العلة منصوص عليها بما رويناه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مما يرجحها ويقويها على كل ما يعلل به مما يقتضي خلاف حكمها، على أن المخالف لنا في هذا هو أبو حنيفة، وهو يوافقنا على جواز التيمم في الحضر، إذا خاف فوت الصلاة على الجنازة، فكذلك سائر الصلوات؛ بعلة أن ترك التيمم يؤدي إلى فوت الصلاة، على أن الاحتياط للصلاة المكتوبة في السفر والحضر، إذا كان يؤدي تركه إلى فوتها أوجب.
Shafi 157