ونازعهم أبو محمد المقدسي في كفر المعزم خاصة (¬4)، قال: السحر الذي ذكرنا حكمه هو الذي يعد في العرف سحرا؛ مثل فعل لبيد بن أعصم، ومثل سحر النجاشي لعمارة حتى هام مع الوحش، ومثل الساحرة التي صلبت على باب وعقدت خيوطا حتى طار بها الباب، ومثل عقد الرجل المتزوج حتى لا يطيق وطء امرأته. قال: فأما الذي يعزم على المصروع، ويزعم أنه يجمع الجن ويأمرها فتطيعه، فهذا لا يدخل في هذا الحكم ظاهرا، وذكره القاضي وأبو الخطاب من جملة السحرة. وذكر أبو محمد ما سيأتي من (¬1) رواية الأثرم عن أحمد في حل السحر، وكلام ابن سيرين، وابن المسيب، قال: وهذا من قولهم يدل على أن المعزم ونحوه لم يدخلوا في حكم السحر، ولأنهم لا يسمون به، وهو مما ينفع ولا يضر.
قلت: أما قوله: «إن السحر هو الذي يعد في العرف سحرا»، فليس كذلك. فإن مسمى السحر ليس هو من الأمور العامة التي يعتادها الناس، التي ترجع في حد الاسم إلى العرف -كما رجع إلى العرف في حد القبض والتصرف والبيع ونحو ذلك-؛ إذ أكثر الناس لا يعرفون أكثر أنواع السحر، بل قد يسمونها بأسماء تقتضي المدح والثناء لأصحابها مع ذمهم للسحر؛ تارة يسمون ذلك: سيمياء، وتارة: روحانيات، وتارة: استخدام الأرواح العلوية والسفلية، ويقولون: عطف ومحبة وتهييج ونحو ذلك، كالتفريق بين المرء وزوجه، وذلك من السحر بنص القرآن.
Shafi 21