وأما إذا حدث حادث في زمنهم وأنكروه، واستقبحوه فهو بدعة وضلالة، وليس أن كل حادث في زمنهم، وإن وقع عليه النكير ليس بدعة، هذا هو خلاصة تصريحات المحققين وكلمات المحدثين، ولئن وفقني الله تعالى لأفصل هذا المطلب في رسالة إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت هذا فنقول: التثويب بين الأذان والإقامة قد حدث في زمان الصحابة، ووقع عليه منهم النكير والاستقباح:
منهم: ابن عمر، كما مر من رواية أبي داود عن مجاهد(1).
ومنهم: عمر، كما من رواية ابن أبي شيبة(2).
ومنهم: علي، كما صرح به العيني في ((البناية شرح الهداية))(3).
فقد استقر كونه بدعة مستنكرة في عهد الصحابة، فلا يرفعه استحسان مستحسن بدليل عقلي، فكيف يستقيم استحسانهم للكل في الكل مع الآثار الدالة على الإنكار، فتأمل لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
ومما ينبغي أن يعلم أن التثويب عبارة عن الإعلام كما أجمع عليه كلمات الأعلام، فيفيد ذلك أن التثويب لا يكون إلا لما كان له النداء من الصلوات الخمس والجمعة.
وأما ما تعارفوا من قول: الصلاة سنة رسول الله بعد الأذان الأول يوم الجمعة قبل شروع الإمام في الخطبة؛ لإعلام أدائهم سنة الجمعة فهو أمر لا أصل له في الشرع، وليس بداخل في استحسان الفقهاء أيضا فيجب تركه.
Shafi 54