وابن ملك(1) في ((مبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار))، وغيرهم.
فعلم أن الضلالة من البدعات، إنما هي ما كان مخالفا للقواعد الشرعية، ولا ريب في أن التثويب ليس كذلك، بل له وجه وجيه من أصول الشرع، ونصوصه، فيكون بدعة حسنة، وهذا معنى استحسان المتأخرين، وغيرهم.
وثانيهما: وهو أوجههما أن البدعة في حديث: (كل بدعة ضلالة) محمولة على معناها الشرعي، وهو ما كان مخالفا للقواعد الشرعية، ولا حاجة إلى جعله مخصوص البعض، كما صرح به جماعة من المحققين.
والتثويب وإن لم يكن موجودا بذاته في خير الأزمنة، لكنه داخل في الأصول الشرعية فلا يكون بدعة، فإن البدعة ما لا يوجد في زمن من الأزمان الثلاثة، ولا يدخل في شيء من الأصول الشرعية كما لا يخفى، هذا غاية الكلام في هذا المقام.
وعندي أن الكلام بعد موضع نظر.
فإن البدعة عبارة عما لا يوجد في القرون الثلاثة، ولم يكن داخلا في الأصول الشرعية، فما دخل في الأصول الشرعية المعتبرة، وإن حدث بعد الأزمنة الثلاثة ليس بضلالة، وكذا ما حدث في أحد الأزمنة الثلاثة لاسيما في زمن الصحابة بأن ارتكبوا بشيء لم يرتكبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو اطلعوا على أمر حادث، ولم ينكره أحد منهم.
Shafi 53