قلنا: لفظه لفظ الاستفهام، والمراد به التوبيخ والإنكار، كقوله تعالى: (في سواء الجحيم)
و (أم) تكون على ضربين: متصلة ومنفصلة، فالمتصلة عديلة الألف، وهي مفرقة لما جمعته، أي كما أن (أو) مفرقة لما جمعته، تقول: اضرب أيهم شئت زيدا أم عمرا أم بكرا، فإذا قلت: أضرب أحدهم، قلت: زيدا أو عمرا أو بكرا. والمنقطعة عن المعادلة لألف الاستفهام قبلها لا تكون إلا بعد كلام؛ لأنها بمعنى (بل) والألف، كقول العرب: إنها لإبل أم شاء، كأنه قال: بل هي شاء، ومنه: (أم يقولون افتراه) أي بل يقولون، وكذلك أم تريدون، أي بل تريدون، قال الأخطل: كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خيالا * * * (النزول)
روي عن ابن عباس أن رافع بن حرملة ووهب بن زيد قالا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء يقرأ، أو فجر لنا أنهارا نتبعك، فأنزل الله هذه الآية. وعن الحسن المراد به مشركو العرب، وقد سألوا وقالوا: أن يأتي بالله والملائكة قبيلا، وقالوا (أو نرى ربنا) وعن السدي سألت العرب محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم بالله فيروه جهره، وعن مجاهد سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا، فقال: نعم، هو لكم، كالمائدة لبني إسرائيل، فرجعوا، وعن أبي علي، سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محالات، منها ماسأله قوم أن يجعل لهم ذات أنواط، كما أن للمشركين ذات أنواط، وهي شجرة كانوا يعبدونها، ويعلقون عليها المأكول والمشروب، كما سألوا أن يجعل لهم إلها كما لهم آلهة، وقيل: إن اليهود قالوا: يا محمد آتنا بكتاب من السماء جملة كما أوتي موسى، فنزلت الآية.
Shafi 543