353

(النظم)

في اتصال الآية بما قبلها وجوه: أحدها: لما دل ما تقدم على تدبير الله في خلقه بما يأتي من الآيات، وبما ينسخه ويثبته، بين في هذه الآية أن الواجب أن يرضوا بذلك، ولا يقترحوا، كأنه قيل: ألا ترضون بتدبيره، ولا يتخيروا الآيات، ولا يقترحوا المحالات، كما سئل موسى من قبل، وهو تعالى يأتي بما يعلم من المصالح، وليس لأحد أن يعترض، عن علي بن عيسى، وثانيها: قيل: لما تقدم الأوامر والنواهي، قال: إن لم تسلموا لما أمركم الله كنتم كمن سأل موسى بما ليس له أن يسأله، عن أبي مسلم، وقيل: تقديره لما أمر ونهى قال: أتفعلون ما أمرتم أم تفعلون كما يفعل من قبلكم من قوم موسى، وقيل: إنه خطاب لليهود عابهم حين تخيروا الآيات. كما عابهم بالأفاعيل التي تقدم ذكرها.

* * *

(المعنى)

أم تريدون قيل: معناه أتريدون، استفهام على طريق الإنكار، وقيل: معناه بل أتريدون، واختلفوا في المخاطب به، فقيل: المسلمون، وهو عطف على قوله: (ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) وتقديره فهل تفعلون كما أمرتم أم تريدون أن تسألوا رسولكم من المحالات، كما سأل قوم موسى نبيهم، صلى الله عليه وسلم - عن أبي مسلم، وقيل: خطاب لهم فقد سألوه عن أمور لا خير لهم في البحث عنها، عن الأصم. وقيل: خطاب لهذه الأمة ونهي لهم أن يسألوا نبيهم كما فعل قوم موسى، عن أبي علي. وقيل: خطاب لأهل مكة، عن مجاهد. وقيل: لليهود، عن ابن عباس وجماعة، وهو الأصح؛ لأن ماتقدم حكاية عنهم، ومحاجة معهم، ولأن الآية مدنية أن تسألوا رسولكم يعني محمدا كما سئل موسى من قبل من الاقتراحات والمحالات ومن يتبدل الكفر بالإيمان يعني يختار الكفر، ويترك الإيمان فقد ضل أي ذهب عن سواء السبيل قيل: عن طريق الاستقامة، وقيل: قصد الطريق، عن الحسن والأصم وأبي مسلم، وقيل: عن وسط الطريق.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على قبح السؤال على سبيل التعنت، وأن الواجب أن يسأل استرشادا.

Shafi 544