وزاره مرة أحد الشيوخ الأجلاء فلم يجده فوضع له بطاقة الزيارة المتداولة الآن، فلما جاء المترجم ورآها أنكر ذلك، وقال: سنة الفرنج وحوقل، فذكرت ذلك لما بلغني إنكاره لزائره، فقال: عجبا وهل هذه البطاقة إلا مختصر كتاب يعرفه بمن زاره. وبلغه مرة ذهاب بعض الفضلاء ليبارك لكبير في تولية منصب رياسة البلدية في بيروت فأنكر عليه ذهابه، وأكبر ذلك، وذكر مثالب ذاك المنصب ومضراته الدينية، ولم يدخل الجامع الأموي بعد عمارته الحديثة إثر احتراقه 1 زعما أنه عمر من مال فيه شائبة، سيما لما بلغه زخرفة محرابه ومنبره. ولما حكي له أن الجامع الأموي أريد في أيام الشيخ عبد الله الحلبي تجديد تبليطه وأنه عمل اكتتابا من الأغنياء. ثم جاءه الشيخ حسن الشطي الحنبلي وقال للشيخ عبد الله: بلغني عزمكم على تبليطه من أموال الناس فأبقوا للحنابلة في الجامع رقعة غير مبلطة ثم توقف العمل عن تبليطه. فلما ذكرت هذه القصة للمترجم صار يقول: حشرني الله في زمرة الشطي. ولما سعى له ابن عمه أحد يا وري الحضرة السلطانية الأمير محمد باشا ابن الأمير السيد عبد القادر بتوجيه رتبة أزمير المجردة عليه وعلى أخيه وابن عمه السيد محمد أبي طالب، قام المترجم وقعد وأبرق وأرعد، وقال: ما لي ولمثل هذه الرتب التي لا جدوى لها، وأغلق بابه في بيروت دون المهنئين ولم يفتح لأحد، وتهيب منه كتاب الجرائد في بيروت أن يدرجوا نبأ هذا التوجيه إلا بإذنه فلم يأذن لهم إلا بعد إلحاح كثير منهم، وله غرائب في معنى ما ذكرنا، وكان يقوم لزائره إلى باب المخدع ويستقبله استقبالا مدهشا ويضعه في أرفع مكان ويودعه إلى خارج باب الدار، ولا يمكن أحدا من تقبيل يده، وإذا دخل أحد الأكابر مكانا وهو فيه، فإن لم يمكنه الصدع بالحق فيه يتجلل بالسكوت كما شاهدته في بيروت، وله نظم ونثر لطيفان 1 إلا أن نثره أجود.
ومن شعره قوله وقد أشرف من قصره ليلا على بيروت:
أنظر إلى بيروت في أضوائها ... تحكي سماء الزهر في لألائها
إن جئتها ليلا وجلت بناظر ... خلت النجوم تجول في أنحائها
Shafi 80