181

Shahidanin Tsana

شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م

Nau'ikan

واستراح أمير كوندة من عناء الحروب، واهتم الأميرال صديقه بأن يوقع الأمير دي كوندة وكاترين على عقد الصلح في القريب العاجل، وكان بعض أعيان الكاثوليك قد اتهمه بأنه أشار على بلترو بقتل الدوق، فاحتج علانية على تلك التهمة الباطلة. أما الكردينال دي لورين، شقيق الدوق دي جيز ، فتولى إدارة شئون أسرته القديرة الكبيرة.

ثم إن جاليو طلب إلى مرسلين الاقتران به فامتنعت بحجة أن والدته قد تأبى، غير أن جاليو أخبر والدته أن مرسلين أنقذته من الموت، فقبلت، وأقيمت لزواجهما حفلة جمعت الكاثوليك والبروتستانت، فلما سار جاليو بعروسه، قال لها: وا حسرتاه على صديقي ترولوس، فلو كان حاضرا لتم سروري. فقالت مرسلين: تناس أيها الحبيب تلك الأوقات، وعسى ألا يسفك الفرنساويون دماء الفرنساويين بعد اليوم، إن الملكة كاترين تحب السلام، ولا شك أن السلام سيدوم زمنا طويلا. فقال جاليو: عسى أن يقدر الله ذلك، ويدوم السلام.

كان ما ذكرناه في سنة 1563، ولكن بعد تسعة أعوام، وكان شارل التاسع قد جلس على عرش آبائه، وقعت «مذبحة سن برتلماوس» وقد أمر بها الملك بعدما حرضته عليها والدته كاترين دي مدسيس وآل جيز في ليلة 24 أغسطس (آب) سنة 1572.

وتعد تلك المذبحة أشد النوازل التي نزلت بفرنسا، وقد دامت أياما، ذبح فيها جمهور غفير من الرجال والنساء والأولاد والأطفال، حتى تضرجت كل فرنسا بالدماء. ولم يكن من سبب في سفكها إلا التعصب الديني الذميم دون سواه، وذبح في باريس زعماء البروتستانت، ولم ينج أمير كوندة من تلك المذبحة إلا بإنكار مذهبه، وقتل فيها كوليني وغيره من الزعماء المشهورين.

وقامت يومئذ مجزرة في قصر اللوفر منذ الساعة الخامسة صباحا والبروتستانتيون نيام. فوجئوا مفاجأة وهم في مخادعهم، بعد ليلة قضوها مع الملك يشاطرونه فيها مسرة اللهو واللعب. فانتزعت منهم أسلحتهم، وحزت أعناقهم حزا كأنهم أغنام، وقيل: إن شارل التاسع كان ينظر إلى تقتيلهم من نافذة القصر، ومما لا شك فيه أن أولئك المساكين الذين قتلوا بسبب التعصب الوحشي كانوا أشجع رجال فرنسا وأحذق قوادها وزهرتها، ونخبة المصلحين فيها! ومات شارل التاسع ملك فرنسا سنة 1574 وهو يعض أصابعه حسرة وتندما على ما حصل.

فقاتل الله التعصب، إنه كان، وما برح، آفة كل إصلاح، وعدو كل صلاح وفلاح.

Shafi da ba'a sani ba