ثم إن تلك الصورة التى فى الخيال تنفذ إلى التجويف المؤخر إذا شاءت القوة الوهمية ففتحت الدودة بتبعيد ما بين العضوين المسمين إليتى الدودة، فاتصلت بالروح الحاملة للقوة الوهمية بتوسط الروح الحاملة للقوة المتخيلة التى تسمى فى الناس مفكرة، فانطبعت الصورة التى فى الخيال فى روح القوة الوهمية، والقوة المتخيلة خادمة للوهمية مؤدية ما فى الخيال إليها إلا أن ذلك لا يثبت بالفعل فى القوة المتوهمة بل ما دام الطريق مفتوحا والروحان متلاقيين والقوتان متقابلتين، فإذا أعرضت القوة المتوهمة عنها بطلت عنها تلك الصورة، والدليل على صحة القول بأن حصول هذه الصورة فى الوهم غير حصولها فى الخيال أن الخيال كالخازن وليست الصورة التى فيه متخيلة للنفس بالفعل دائما وإلا لكان يجب أن نتخيل معا صورا كثيرة أى صورة كانت فى الخيال، ولا هذه الصور أيضا فى الخيال على سبيل ما بالقوة وإلا لكان يحتاج أن تسترجع بالحس الخارج مرة أخرى، بل هى مخزونة فيه، والوهم بتوسط المفكرة أو المتخيلة يعرضها على النفس وعنده يقف تأدى الصورة المحسوسة، وأما الذكر فهو لشىء آخر كما نذكره بعد، فهذه أصول يجب أن تكون عتيدة عندك،
ولنرجع إلى غرضنا فنقول إن السبب فى رؤية الشىء الواحد إثنين أربعة أسباب أحدها انفتال الآلة المؤدية للشبح الذى فى الجليدية إلى ملتقى العصبتين فلا يتأدى الشبحان إلى موضع واحد بل ينتهى كل عند جزء من الروح الباصر المرتب هناك على حدة لأن خطى الشبحين لم ينفذا نفوذا من شأنه أن يتقاطعا عند مجاورة ملتقى العصبتين، فيجب لذلك أن ينطبع من كل شبح ينفذ عن الجليدية خيال على حدة وفى جزء من الروح الباصرة على حدة، فيكون كأنهما خيالان عن شيئين مفترقين من خارج إذا لم يتحد الخطان الخارجان منهما إلى مركز الجليديتين نافذين فى العصبتين، فلهذا السبب ترى الأشياء كثيرة متفرقة،
Shafi 154