Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Nau'ikan
قال: هذا الهدهد يا مولاي خلق لمجالس الملوك والأمراء؛ لأنه أصم لا يملك السمع، أخرس لا يملك الخطاب، اللهم إلا أن يتنزل فيه من روح الملك يوم يعرض عليه فينطق بما يدهش السامعين، ولا يدهش ذا القصرين (من ألقاب الفراعنة)؛ لأن سره إذا حل في نبات مشى، أو في طير نطق، فلا يجدن مولاي من بأس في تشرفه الآن بالحضرة؛ لأنه يكتم الأخبار، ولا يذيع الأسرار.
قال: الكريم يصحب الكريم أيها الأستاذ، ولو حملت معك الببغاء، وهي الناقلة الواشية من بين الطير، لائتمناها كما نأتمنك، والآن لعلك تدعوني إلى الدرس؟
قال: إن أذنت يا مولاي!
فتبسم الأمير ثم قال: ألا تراني كبرت عن الدرس أيها الأستاذ؟
قال: ما علم على بشر أنه كبر عن التعلم يا مولاي، ولو سألت جلالة الملك وهو الموحي إلى من في الأرض، الموحى إليه من السماء، لأجاب أن الكمال ميسور بلوغه إلا في العلم.
قال: فما باله أعفى كثيرا من إخوتي الأصغرين سنا من الدروس؟
قال: وما يدريك أنه يستنجيك ويرجو أن يستثمر غرس عنايته بك؛ فقد سمعته في بعض الأيام يقول لمن حوله: إن «أوني» لعلى بيان، وإن البيان لخير مظاهر الملوك والأمراء، يسترق لهم الخواطر، ويسعى لهم بالقلوب.
قال: لو أنهم يختصرون معي من الدروس، فلا يكلفونني منها ما يمجه ذوقي وتأباه طباعي، مثل الرماية، وركوب الخيل ومطاردة السباع في الصحاري والقفار، لأقبلت على سائرها إقبال الحيارى المستفهمين على الهياكل ينتظرون جواب الآلهة في معضلات المسائل.
قال: من الناس يا مولاي من تلجئه منزلته في هذا العالم إلى ممارسة ما يكره، وركوب ما لا يود، وأنت ابن الملك، وناهيك بها من نسبة يتلاقى فيها أبوك والشمس، وإنها لتجعلك حيث لا يكون سائر الناس، فأنت ممن معك بين أصحاب موالين، لا تأمنهم أن ينقلبوا أعداء مقاتلين، بل أنت من قصرك هذا في شبه حصن تحرسه الآن مهابتك، ولا يحميه عند الكريهة إلا ثباتك وشجاعتك، وإذا خرج فتيان المملكة إلى قتال المتوحشة بني الخراب (كنية الأمم الخارجين من حكم الفراعنة) ومنعهم من الغارة على البلاد، نصرة للآلهة ومواطنهم المقدسة، خرجت أنت ناصرا للآلهة، ذائدا عن ملك أبيك المؤيد بالشمس؛ فأنت إذن من جنود الصف الأول الذين لا غنى لهم عن قلوب تقسيها ملاقاة الأسود، وجسوم ينشطها ركوب الخيل، وأحداق تحددها مزاولة الرماية، وسواعد يقويها الضراب بالسيوف.
واعلم يا مولاي أن هذه الدنيا لمن غلب، وأن الغلبة فيها للقوة، وأن الأمم لا تحفظ الاستقلال موجودا، ولا تسترده مفقودا، إلا بالقوة؛ فيتعين إذن على كل إنسان يحب بلاده محبة حقيقية، ويريد بقاءها ممتنعة الجوانب، عزيزة المنال على الأجانب، أن يثبت نفسه بالفضيلة، ويقوي بدنه بقدر الإمكان، ويتعلم فنون الحرب في السلم، وأن يشيب على ذلك، ويسوم أولاده أن يشبوا على مثله، حتى إذا دهم البلاد يوم عصيب، استدفعته بشبان من أبنائها وشيب.
Shafi da ba'a sani ba