Sharhin Fitarin Rana
شرح طلعة الشمس على الألفية
Nau'ikan
اعلم أنه إذا اتصل إسناد الخبر من الراوي إلى النبي اتصالا غير كامل بمعنى أنه لم يستكمل الشروط التي تقدم ذكرها في نقل المتواتر فهو الخبر الآحادي نسبة له إلى آحاد النقلة، وحكمه أنه لا يفيد العلم القطعي كما أفاده التواتر ولا الاطمئنانية الحاصلة للنفس كما أفاده الخبر المشهور لكن يفيد وجوب العمل به مع حصول الشرائط المذكورة في الراوي لحصول الظن بصدق الخبر العدل، اعلم أنهم اختلفوا في جواز التعبد بخبر الآحاد فمنعه قوم وجوزه آخرون ثم اختلف المجوزون له، فقال بعضهم: إن التعبد به غير واقع وإن جاز عقلا، وقيل بل هو جائز وواقع، ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: إنه يجب العمل فقط وقيل: بل يوجب العلم والعمل معا والصحيح أنه يوجب العمل دون العلم ووجوب العمل بخبر الواحد ثابت بالعقل والنقل، أما ثبوته بالعقل فهو أن من أحضر إليه طعام وأخبره من يغلب في ظنه صدقه أن فيه سما فإنه إذا أقدم عليه مع غلبة ظنه أنه مسموم استحق الذم قطعا وذلك هو معنى الوجوب وأما ثبوته من جهة النقل فإنه قد علم من تواتر الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قد يبعث السعاة والعمال إلى الجهات النازحة ليرووا عنه ما يجب عليهم في أموالهم وألزمهم قبول أخبارهم وأيضا فالصحابة والتابعون قد أجمعوا على الأخذ بخبر الآحاد وعلى العمل به، وبيان ذلك أن الصحابة كانوا يرجعون إلى خبر الواحد فيحكمون به، كخبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس فإنهم تحيروا في حكمهم حتى قال عمر: "ما أدري ما أصنع في أمر المجوس"، وكثر سؤاله عن ذلك حتى روى عبد الرحمن بن عوف عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم"، وقد كان عمر لا يسوي بين الأصابع في الدية فترك مذهبه في تفضيل بعض الأصابع على بعض في الدية لأجل كتاب عمرو بن حزم، وكذلك
Shafi 16