295

Sharhin Fitarin Rana

شرح طلعة الشمس على الألفية

Nau'ikan

عمل بكتاب عمرو بن حزم في زكاة المواشي وتفاصيلها وكذلك اختلفوا في الجنين فكان عمر يقول أنه لا شيء إذا خرج ميتا حتى ورد خبر حمل ابن مالك في أن الجنين فيه الغرة فأطبقوا عليه وكذلك اختلفوا في توريث المرأة من دية زوجها حتى روى الضحاك بن سفيان خبره الذي في توريث المرأة من دية زوجها فعملوا به وأطبقوا عليه، وأيضا فقد روي عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه كان يرجع إلى أخبار الصحابة وكذلك عثمان وكذلك علي وقد عمل بحديث عمر والمقداد في حكم المذي وعملت الصحابة بخبر أبي بكر أن الأنبياء يدفنون في المنزل الذي يموتون فيه فحفروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضع فراشه وعملوا بخبر عبد الرحمن في الطاعون وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى من كان خارجا عن ذلك البلد أن يدخله حتى يرتفع، ونهى من كان داخلا أن يخرج فرارا منه وكان جميع ذلك من غير إنكار من بعضهم بل كان منهم العامل بذلك ومنهم القابل له والمصوب عليه فكان إجماعا على وجوب العمل بخبر الواحد وكذلك أيضا قد أطبق التابعون وفقهاء الأمصار على قبول الأخبار التي ترويها الآحاد فكان إجماعا من التابعين أيضا، فإن قيل إنه كما نقل قبولهم للآحاد فقد نقل ردهم إياها كرد عمر خبر فاطمة بنت قيس ورد أبي بكر خبر عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن له في رد الحكم من مطرده ورد علي خبر سيار الأشجعي في بروع بنت واشق فتعارض الرواية فتساقطت، أجيب بأنه لا نسلم أن نقل الرد كنقل القبول بل الذي نقل أنه رد أخبار يسيرة قليلة جدا ولم ترد لكونها آحادية، وإنما ردت لشك في روايتها ولهذا ردها بعضهم دون بعض فإن خبر فاطمة قبله غير عمر، وخبر سيار قبله عبد الله بن مسعود.

احتج المانعون من جواز التعبد بخبر الآحاد ومن جواز الأخذ به بوجوه أحدها قوله تعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم } (الإسراء: 36)، وقوله تعالى: { إن يتبعون إلا الظن } (يونس: 66)، وقوله تعالى: { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } (يونس: 36)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : "دع ما لا يريبك إلى ما لا يريبك"، إلى غير ذلك، قالوا: قد نهينا عن اتباع الظن بالكتاب والسنة وخبر الآحاد لا يفيد إلا ظنا فوجب اطراحه، وثانيها إن القول بوجوب العمل بالآحاد يؤدي إلى العمل بالمتضادات لوقوع التعارض في الأحاديث، وثالثها إن أصول الشريعة يجب أن تكون لها غاية تضبطها ليصح الاستنباط منها وليتأتى حمل الفرع على الأصل والتعبد بخبر الواحد يمنع من ذلك لأن القائس على أصل يجوز أن يكون ذلك الأصل معارضا بأصل آخر لم يبلغه.

وأجيب عن الأول: إن تلك الآيات الواردة في ذم اتباع الظن هي فيما يكن المطلوب فيه العلم أي ذم اتباع الظن في الأمور القطعية الاعتقادية وكلامنا في الأمور العملية الفرعية جمعا بين الأدلة.

Shafi 17