الشرح: قد بين أن الأمراض تستحق أزمنة، وتختلف في ذلك باختلاف طبيعة المرض، وطبيعة المريض، وأوقات السنة، وما في حكمها، وبحسب ما يطرأ من الأمراض المضاددة. وبينا أن ذلك لا ينافي كون العلاج يتم باستعمال الضد، إذ الضد إنما يمكن استعماله في وقت معين. ومن جملة العلاج B بالضد، التحريك بالاستفراغ والنقل؛ فيجب أن يبين الوقت الذي يمكن فيه ذلك. ويعني بالتحريك نقل المادة من عضو إلى آخر، إما باستفراغ كالحجامة في النقرة لأوجاع العين، أو بغير استفراغ كوضع المحاجم على النقرة لذلك. ويريد بهذا الوقت أحد أوقات المرض الأربعة، فيكون هذا غير ما كنا بينا في المقالة الأولى من اعتبار وقت الاستفراغ بالنضج وغير ذلك. قوله: مادام المرض في ابتدائه، فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك. يريد أن وقت الابتداء قد يجوز فيه التحريك، وذلك لأنا قد بينا في المقالة الأولى أنه قد يكون الاستفراغ في أول المرض أولى. وذلك إما لأن المرض يكون مهياجا، أو لأن المادة تكون كثيرة فيخاف أن تستولي على الطبيعة إن انتظرنا النضج، أو لأن القوى تكون ضعيفة فيخاف أن لا تفي بمقاساة المادة إلى وقت النضج، أو لأن المادة رديئة جدا فيخاف إفسادها للمزاج أو لبعض الأعضاء إن بقيت إلى زمان النضج، أو لأن المادة دائمة الانصباب إلى العضو A المأووف فيخاف إن لم يستفرغ قبل النضج زيادة المادة جدا أو إفسادها للعضو. وإنما قال: فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك، ولم يقل: فإن رأيت أن تستفرغ فاستفرغ؛ لأن التحريك أعم فيدخل فيه الاستفراغ وغيره. قوله: فإذا صار إلى منتهاه فينبغي أن يستقر المريض ويسكن. أي أن التحريك وإن كان قد يجوز في الابتداء، فإنه في الانتهاء غير جائز، وسيدل على ذلك في الفصل الذي بعده. فإن قيل: فإذا كان الانتهاء لا يجوز فيه التحريك، ولا يجوز فيه الاستفراغ لأنه من جملة التحريك؛ وفي وقت الابتداء لا يجوز إلا في بعض الأحوال. وفي الانحطاط لا يجوز البتة، لأن الطبيعة إذا استولت على المادة حتى شرعت في الانحطاط كان في الطبيعة كفاية. ففي أي وقت يكون الاستفراغ؟ قلنا: ينبغي أن يكون في وقت التزيد لأن في ذلك الوقت لم يكمل اشتداد الأعراض، وليس المادة بعد نيئة لم تنضج، لأن وقت التزيد هو وقت ظهور النضج.
[aphorism]
قال أبقراط: إن جميع الأشياء في أول المرض وفي آخره أضعف، وفي B منتهاه أقوى.
Shafi 97