الشرح: قد مضى أن الأمراض تختلف في الطول والقصر، إما لذاتها، وإما لأمر خارج؛ إما طبيعي كأوقات السنة، أو غير طبيعي كطرآن (72) مرض مضاد الأول. وهاهنا يذكر أنها قد تختلف في ذلك بسبب طبيعة المريض نفسه، فإنه إن كان متخلخل البدن، كان المرض قصيرا لسرعة تحلل مادته وخصوصا إن كانت الأخلاط رقيقة، ولأن الطبيعة إ ن كانت غالبة للمرض أعانها التخلخل ورقة الأخلاط على تحليل مادته. وإن كان المرض غالبا، أعانه تخلخل البدن ورقة المادة على إضعاف القوة. وإن كان البدن متكاثفا، فبالضد، وخصوصا إن كانت الأخلاط B غليظة. ولاشك أن المتكاثف البدن يكون تحلل مواده بطيئا، وكذلك الغليظ الأخلاط، وهذا اللازم مساويا منعكسا؛ فكل ما تحلله بطيئا فهو متكاثف البدن أو غليظ الأخلاط. وكل متخلخل البدن، فإن تحلله سريعا، وكذلك الرقيق الأخلاط وهذا منعكسا أيضا. فكل ما تحلله سريعا فهو متخلخل البدن أو رقيق الأخلاط. وإذ هذا الكلام مساويا فأيهما وجد دل على الآخر، فإن وجد اللازم علمنا وجود ملزومه ضرورة أنه مساو له، فلا يكون إلا معه . وإن وجد الملزوم علمنا وجود اللازم ضرورة استحالة انفكاك اللازم عن ملزومه. فلهذا جعل أبقراط بطء (73) التحلل علامة على التكاثف وغلظ الأخلاط، ويدل ذلك على طول المرض. وسرعة التحلل علامة على التخلخل ورقة الأخلاط، ويدل ذلك على قصر المرض وضعف القوة. قوله: من كانت به حمى ليست بالضعيفة جدا. أراد أنها تكون متوسطة، فإنها لو كانت قوية لم يدل سرعة التحلل A على التخلخل أو رقة الأخلاط الدالات على ضعف القوة. ولو كانت ضعيفة جدا لم يدل بطء (74) التحلل على التكاثف أو غلظ الأخلاط الدالان على طول المرض. فقوله: ليست بالضعيفة جدا. يدل على ضعف ما، لأن المنفي هو الضعف جدا، وهذا إنما يكون دليلا إذا لم يكن التحلل تابعا لسهر، أو هم، أو فرط حركة، أو استفراغ، ولا كان بطء التحلل وبقاء السحنة تابعا لأضداد ذلك.
[aphorism]
قال أبقراط: مادام المرض في ابتدائه، فإن رأيت أن تحرك شيء فحرك، فإذا صار المرض إلى منتهاه فينبغي أن يستقر المريض ويسكن.
[commentary]
Shafi 96