الشرح: تعلق هذا بما قبله ظاهرة. وقد جرت العادة أن نذكر هذا مع الكلام في البحران، وأما ذكره عقيب هذه الفصول المتقدمة فلأنه قد تبين هناك من فحوى كلامه أن الأمراض تستحق بطبيعتها وبأمر خارج عنها، طبيعي أو مرضي، أزمنة مخصوصة، فيها يكون انقضاؤها A وأن ذلك لابد وأن يكون بأمر يزيل سبب المرض، إما طبيعي أو صناعي. فأراد أن يبين هاهنا أنه لو انقضت قبل تلك المدة وبغير إزالة السبب، لم يكن ذلك موثوقا به، لأنه لو كان موثوقا به لما كان ذلك الوقت الزائد بمقتضى طبيعتها أو بمقتضى ذلك الأمر الخارجي، ولا كان ذلك السبب سببا لاستحالة تخلف المسبب عن سببه. فذكر ما يعم هذا وغيره، وهو أنه لا ينبغي أن تغتر، لا بالخفة التي على غير القياس، ولا تهتال بالثقل الذي على غير القياس. ومعنى القياس هاهنا أنه إذا دل دليل على أن المرض ينقضي في الرابع عشر، وأن ذلك يكون باستفراغ طبيعي أو صناعي، وليكن المرض حمى غب، ففارقت الحمى قبل ذلك من غير ظهور بحران ولا استفراغ ظاهر بإسهال أو قيء أو إدرار أو عرق، فلا ينبغي أن تغتر بهذه الخفة فقد يكون لانطفاء الحرارة الغريزية فلا تنتشر الحرارة الغريبة إلى الأطراف فلا تظهر. وكثيرا ما يعقب ذلك الموت، وقد يكون لأن مادة الحمى بردت B بالتطفئة فسكنت سورة الحمى، لكن المادة العفنة موجودة، ففي الأكثر يعاودها الاشتعال وتعود الحمى أقوى مما كانت، لمصادفتها قوى قد ضعفت. وكذلك قد تنضج مادة المرض وتكون القوة مستولية وعلامات الصلاح ظاهرة، فتحدث أمور صعبة ليست بمقتضى طبيعة ذلك المرض ولا بمقتضى تلك العلامات، فمثل هذه لا ينبغي الفزع منها، فإن الطبيعة إذا استولت على المرض، ففي أكثر الأمر يستمر لها ذلك الاستيلاء إلى أن تقهر المرض. وهذه الأمور الصعبة هي مثل: ضيق نفس، أو اختلاط الذهن، أو خيالات، أو غثيان، أو مغص، أو تمدد في الشراسيف أو غير ذلك. ومثل هذه كثيرا ما يكون من أعراض البحران، ويعقب ذلك البرء التام. إنما الصعوبة التي ينبغي أن يهتال بها هي التي تطرأ (71) على قوى ضعيفة، ومع علامات عدم النضج واستيلاء المرض، وخصوصا إذا اتفقت في غير يوم بحراني أو يوم بحران رديء؛ وأعظم من ذلك أن A تكون في يوم يتوقع فيه الراحة أو الخفة.
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت به حمى ليست بالضعيفة جدا، فإن تبقى بدنه على حاله تلك ولا ينقص شيئا أو يذوب بأكثر مما ينبغي، فذلك رديء؛ لأن الأول ينذر بطول من المرض، والثاني يدل على ضعف من القوة.
[commentary]
Shafi 95