الشرح: هذا الفصل كالتتمة للدليل على أن الشهوة بالبرد، وذلك لأنا قلنا في ذلك أن الشهوة الكلبية تبرأ (63) بالحر. وشفاء الأمراض بالضد، فتكون تلك الشهوة بالبرد. أما بيان أن تلك الشهوة تبرأ بالحر فقد بيناه، وهو أنها تبرأ بالخمر الصرف العتيق. وأما أن علاج الأمراض بالضد، فهو الذي يذكره الآن. وقد أشار في بيان ذلك إلى ضرب من الاستقراء، وذلك لأن اليبوسة تبرأ بالرطوبة؛ وذلك لأن الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين؛ والمحمومين يلزمهم اليبوسة. والبرودة تبرأ بالحرارة، فلذلك الشهوة الكلبية تبرأ بالخمر. والامتلاء يبرأ بالاستفراغ، لأنه يزيد سبب المرض، وعدم السبب سبب لعدم المسبب. A والاستفراغ يبرأ بالامتلاء، ويعني بالاستفراغ إخلاء البدن، سواء كان بإسهال، أو قيء، أو تعريق، أو إدرار، أو فصد، أو غير ذلك. وكما أن علاج المرض بالضد، كذلك حفظ الصحة بالمثل، ولكن لا كل صحة، بل الصحة الفاضلة إذا أردنا حفظها على حالها. فلو أردنا نقلها إلى أفضل منها، كان ذلك بالضد. وقد أورد على كلا القاعدتين شكوك، وذلك لأن القولنج مرض بارد، ويداوى بالمخدرات، وهي باردة. والتمدد بارد ويعالج بصب الماء البارد، والحمى الصفراوية حارة وتعالج بالسقمونيا؛ والاستفراغ يداوى بالاستفراغ، فإن القيء يعالج بالإسهال، والإسهال بالقيء، وكلاهما بالتعريق، بل القيء نفسه يعالج بالقيء، والإسهال بالإسهال. ولو كان علاج المرض بالضد، لما كان كذلك. وأيضا لو كان حفظ الصحة بالمثل لكان الشاب يحفظ صحته بالأشياء الحارة، والشيخ بالبارد، وكذلك كان المحرور ينتفع بالأشياء الحارة، والمبرود بالباردة، والوجود بخلاف ذلك كله. الجواب: أما عن المعالجات المذكورة فإن B ما ذكرتموه في القولنج ليس هو علاج القولنج، لأنه قولنج أو مرض بارد، بل للوجع، وذلك بالحقيقة علاج بالضد. ونقول: تأثير الشيء في البدن، إما بالذات كتسخين الفلفل، أو بالعرض كتسخين الماء البارد بحقن الحار الغريزي. ونعني بكون الفعل بالذات أن لا يكون بينه وبين أثره واسطة. ونعني بكونه بالعرض أن يكون بينه وبين أثره واسطة. ومداواة التمدد بصب الماء البارد، لأن البارد يحقن الحار الغريزي، فتقوى الحرارة، وبها يزول المرض. فالعلاج بالحقيقة بالضد، والماء البارد فعل بالعرض، وهو بتقوية الحرارة، فهو بالعرض مسخن. وكذلك كون الحمى الصفراوية تبرأ بالسقمونيا، لا لكون السقمونيا حارة، بل لأنها مبردة بالعرض، وهو باستفراغ الخلط المسخن الذي هو الصفراء. وأما معالجة القيء بالإسهال وبالعكس، وكلاهما بالتعريض، فذلك لا لكونه استفراغا، بل لما يلزمه من عكس المادة إلى خلاف الجهة. وأما علاج القيء بالقيء، والإسهال بالإسهال، فهو بالعرض A أيضا؛ لأن ذلك، لأنه يخرج الخلط الموجب لذلك. وأما ما ذكر في حفظ الصحة، فإنا نمنع كون صحة الشاب فاضلة على الإطلاق، بل بالنسبة إلى سنه، وكذلك الشيخ، بل بالأولى. بل الصحة الفاضلة هي صحة ما هو في سن الفتيان، وهو بعد البلوغ وقبل الوقوف، وفي ذلك الوقت فإن حفظ صحتهم يكون بالأشياء المعتدلة. وأما كون المحرور ينتفع بالبارد، فلأن صحته ليست فاضلة، فالأصلح له نقلها إلى الاعتدال، والنقل كما بينا يكون بالضد.
[aphorism]
قال أبقراط: إن البحران يأتي في الأمراض الحادة في أربعة عشر يوما.
[commentary]
Shafi 85