الشرح: هذا كأنه من تتمة الفصل المتقدم كأنه قال: والدليل على أن برد المعدة يقوي الشهوة وحرها يرخي الشهوة، أن الجوع الكاذب المفرط يشفى بالأشياء الحارة. وشفاء الأمراض بالضد، فتكون (61) تلك الشهوة بالبرد، والحر يزيلها. واعلم أنه يريد هنا بالجوع الجوع الكلبي، لأن الجوع الصادق يتضرر صاحبه بالشراب. والجوع الكلبي هو شهوة للغذاء مفرطة، فتارة يكون ذلك مع وفاء القوة الهاضمة بهضم ما يرد. وهذا يكون لفرط حرارة المعدة، أو فرط حرارة البدن كله، كما يكون عقيب الأمراض المحرقة، وتارة يكون مع العجز عن هضم الوارد؛ وهذا هو الذي يسمى بالحقيقة جوعا كلبيا. وينبغي أن يكون هذا هو مراد أبقراط، لأن المتقدم يضره الشراب. وهذا الجوع سببه: إما سوء مزاج بارد A مفرط، كالذي يعرض للمسافرين في البرد الشديد. وإما خلط حامض أو لذاع، إما متولد في المعدة، أو منصب إليها. وذلك الخلط، إما بلغم حامض تولد في المعدة لقصور الهضم، كما يكون عقيب التخم والامتلاءات. وإما خلط سوداوي انصب من الطحال أكثر مما ينبغي، أو حاصل في المعدة عن أغذية سالفة، أو خلط محترق بارد (62) متولد في المعدة أو نازل إليها من الدماغ. وقد يكون سببه فرط التحلل، كما يكون عقيب التعب المفرط، أو عقيب الحميات المحللة. وأكثر ما كان عن برد مكثف، أو خلط حامض، وأيما كان فالشراب أوفق الأشياء؛ لأنه جمع بين التسخين اللطيف والعطرية التي تناسب فم المعدة، والتقوية لجوهره المناسب للروح، مع إنضاجه للبلغم وتلطيفه له وإحداره إياه. وينبغي أن يكون هذا الشراب من الحلو، فإن القابض والعفص والمر من المقويات للشهوة. وينبغي أن يكون عتيقا، ليكون أسخن وأعطر. وينبغي أن يستعمل صرفا، ليكون أسخن؛ B وينبغي أن تكون الأغذية دسمة، حلوة، مسخنة.
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأمراض يحدث عن الامتلاء، فشفاؤه يكون بالاستفراغ. وما كان منها يحدث عن الاستفراغ، فشفاؤه يكون بالامتلاء. وشفاء سائر الأمراض، يكون بالمضاددة.
[commentary]
Shafi 84