الشرح: هذا الفصل يتضمن فحواه تتمة هذا الفصل المتقدم، كأنه قال: والدليل على أن العلامات الصحية أقوى، أن ضعف العلامات ما يتوقع حصول ما هي علامة عليه بعد زمان طويل لأن حصول الموانع من ذلك والمعارضات A أكثر، ثم العلامات الصحية وإن كانت بعد زمان طويل فهي أقوى، لأن أطول ما يكون من مدد العلامات ما يمتد مدة سن من أسنان بدن الإنسان، كدلالة من بطنه لينا على يبوسة بطنه إذا شاخ، وبالعكس؛ فإن هذه العلامة قوية، أكثرية (60) الصدق مع طول زمانها جدا، وذلك يدل على أن العلامات الصحية أقوى. ويجب أن يعتبر كون التدبير بالأغذية في حال الشبيبة والشيخوخة واحدا، حتى لو اختلف ذلك فاستعمل في أحد الأسنان ملينا وفي الآخر قابضا لم يكن ذلك لأجل السن. وهذا الحكم أكثري، ولهذا قال في فصل آخر: من كانت بطنه لينة، فإنه ما دام شابا، فهو أحسن حالا ممن بطنه يابسة، ثم تؤول حاله عند الشيخوخة إلى أن يصير أردأ؛ وذلك لأن بطنه يجف إذا شاخ، على الأمر الأكثر. واعلم أن الشاب إذا كان سبب لين بطنه، كثرة ما يتناول بسبب قوة شهوة، الحاصلة لغلبة البرد على فم معدته؛ فإنه إذا شاخ حتى B تفاقم ذلك البرد وأبطل الشهوة، كان ذلك بإحداث بطلان الهضم بالكلية أولا، وإذا بطل الهضم لان الطبع لا محالة؛ لأن الكبد لا تجتذب إلا ما تم هضمه، فما لا يتم هضمه، لأن تدفعه أولى من أن تجذبه. وكذلك قولهم: إنه قد يكون لين بطن الشاب لضعف قوته الماسكة، لغلبة الرطوبة، ثم يقوى إذا شاخ لحصول اليبس. فإن هذا الكلام بعيد جدا، وذلك لأن الشاب لا تكون رطوبته الغريزية بحيث تبلغ من كثرتها أن تضعف القوة الماسكة؛ بل إنما يكون ضعف القوة الماسكة في الشاب للرطوبة إذا كانت تلك الرطوبة غريبة. ومثل هذا، إذا شاخ، كان غلبة الرطوبة الغريبة عليه أكثر بكثير. وكيف يجوز أن يقال أن قوة ما من قوى الشيخ أقوى منها في حال الشبيبة، بل الحق أن الشاب إنما يلين بطنه لأجل أن الصفراء المندفعة إلى أمعائه كثيرة جدا. فإنما بينا أن قسطا من الصفراء تنصب إلى الأمعاء لتنبهها على إخراج الثفل باللذع، ولتغسلها منه ومن البلغم A اللزج. ولاشك أن هذه الصفراء كلما كانت أكثر أحوجت إلى إخراج أكثر، والشاب لاشك أنه حار المزاج فيكون تولد هذه الصفراء وانصبابها أكثر، فيوجب لين البطن؛ فإذا شاخ برد مزاجه وقل توليده للصفراء فقل انصبابها إلى الأمعاء فاعتقل الطبع. وهكذا كان يجب أن يكون الحال دائما، لكنا نعلم بالضرورة أن الوارد إذا كان قليلا، كان ما يخرج من الفضلات قليلا؛ وإذا كان كثيرا فكثيرا. فقد يكون من الشباب من يبلغ من حرارة معدته ما يوجب قلة الشهوة، فإن قوة الحرارة مميل للمعدة إلى شهوة الماء أكثر من الطعام، وحينئذ يكون الهضم قويا لا محالة، ويكون ذلك كبده ليست بمفرطة الحرارة المولدة لإفراط الصفراء، فيكون حينئذ ما يتولد من الصفراء ليس بمفرط، فيكون ما ينصب إلى الأمعاء ليس بمفرط. والوارد بسبب ضعف الشهوة قليل، فيكون ما يبرز من البراز قليلا لا محالة؛ فإذا شاخ ذلك الشاب نقصت حرارة معدته، فقويت شهوته B وضعف هضمه، فكثر الوارد وقل انهضامه، وذلك يوجب زيادة الخارج لا محالة.
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الشراب يشفي من الجوع.
[commentary]
Shafi 83