زهده وورعه تَجِد إِبْرَاهِيم بن أدهم وَأحمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد والعرفان
وَلَقَد كَانَ بحرا يتقاذف موجه بالدرر وعقدا فِي جيد الدَّهْر يتلألأ بالغرر فرائد فَوَائده تخجل جَوَاهِر الْعُقُود وجواهر فرائده تزري بقلائد العقيان والنقود وَكَانَت الأقلام خداما لخواطره والأسماع نظاما لجواهره والطروس سواحل لزواخره وأسواق الْفضل والآداب بِوُجُودِهِ قَائِمَة وَتَحْقِيق الْعُلُوم فِي أفنانه دائمة
وَكَانَت طلعته الباهرة مطلعا لشموس السَّعَادَة وغرته الزاهرة وسما لبلوغ السِّيَادَة وأبوابه موردا لأصناف الكرامات واعتابه مصدرا لأنواع الْمَعَالِي والكمالات
وَلَقَد كَانَ الزّهْد شعاره والورع وقاره وَالذكر أنيسه والفكر جليسه وَظَهَرت لَهُ خفايا الْأَسْرَار ولاحت لَهُ خبايا الْحَقَائِق من وَرَاء الأستار وكشف الْعَطاء عَن حقائق الاخرة وَهُوَ فِي هَذِه الدَّار وتفجرت ينابيع الحكم على لِسَانه وفاضت عُيُون الْحَقَائِق من خلال جنانه وأنشأت أهل الْوُجُود عباراته وأنعشت أَرْوَاح السامعين إشاراته
هَذَا وَإِنِّي وَإِن أعمل صارم البراعة ومداها وأبلغ عَن مسالك البراعة مداها وألمح من الإبداع غواني المغاني وأعمي بطيات الأقلام ظباء الْمعَانِي ورمت تعديد بروج نُجُوم فضائله وتحديد تخوم مدرج فواضله الَّتِي يتنافس فِيهَا الأماثل وتتباهى لتناهت الْأَيَّام وَهِي لَا تتناهى ولعرفت أَن تَعْبِير لساني قُصُور وَاعْتَرَفت بِأَنِّي من جنان مدائحه فِي قُصُور
وَأما مَا قيل من أَن الشَّيْخ منع من زِيَارَة الْقُبُور فحاشا لله ومعاذ الله هَذِه كتبه وفتاويه ومناسكه مصرحة باستحباب زِيَارَة قُبُور الْمُسلمين
1 / 89