فَمَعْنَاه اللّغَوِيّ الشَّيْخ من استبان فِيهِ الْكبر
وَمَعْنَاهُ الاصطلاحي الشَّيْخ من يصلح أَن يتلمذ لَهُ وكلا الْمَعْنيين مَوْجُود فِي الإِمَام الْمَذْكُور وَلَا ريب أَنه كَانَ شَيخا لجَماعَة من عُلَمَاء الْإِسْلَام ولتلاميذه من فُقَهَاء الْأَنَام فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَيفَ لَا يُطلق عَلَيْهِ شيخ الْإِسْلَام لِأَن من كَانَ شيخ الْمُسلمين يكون شَيخا لِلْإِسْلَامِ
وَقد صرح بِإِطْلَاق ذَلِك عَلَيْهِ قُضَاة الْقُضَاة الْأَعْلَام وَالْعُلَمَاء الأفاضل أَرْكَان الْإِسْلَام وهم الَّذين ذكرهم مؤلف كتاب الرَّد الوافر فِي رسَالَته الَّتِي أبدع فِيهَا بِالْوَجْهِ الظَّاهِر وَقد استغنينا بِذكرِهِ عَن إِعَادَته فالواقف عَلَيْهِ يتأمله والناظر فِيهِ يتقبله
وَأما مناظرات هَذَا الإِمَام فكثيرة فِي مجَالِس عديدة فَلم يظْهر ذَلِك معانديه فِيمَا ادعِي بِهِ عَلَيْهِ برهَان غير تنكيدات فِي الْقُلُوب رسخت ثمار الشنان وقصارى ذَلِك أَنه حبس بالظلم والعدوان وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يعاب بِهِ ويشان
وَقد جرى على جلة من التَّابِعين الْكِبَار من قتل وَقيد وَحبس وإشهار وَقد حبس الإِمَام أبي حنيفَة ﵁ وَمَات فِي الْحَبْس فَهَل قَالَ أحد من الْعلمَاء إِنَّه حبس حَقًا
وَحبس الإِمَام أَحْمد وَقيد لما قَالَ قولا صدقا وَالْإِمَام مَالك ضرب ضراب مؤلما شَدِيدا بالسياط وَالْإِمَام الشَّافِعِي حمل من الْيمن إِلَى بَغْدَاد بالقيد والإحبياط
وَلَيْسَ ببدع أَن يجْرِي على هَذَا الإِمَام مَا جرى على أُولَئِكَ الْأَئِمَّة الْأَعْلَام
1 / 78