Takobi Da Wuta A Sudan

Salatin Basha d. 1351 AH
154

Takobi Da Wuta A Sudan

السيف والنار في السودان

Nau'ikan

في سبيل تنفيذ مشروعي الخطير، طلبت من خادمي الأمين (أحمد) مقابلتي في صباح اليوم التالي، في الطرف الشمالي من أم درمان على مقربة من ميدان فير، على أن تكون بغلتي مع هذا الخادم في الوقت المحدد. وزدت على ذلك أن نصحت له بعدم الاضطراب أو القلق في حالة تأخيري عن الميعاد؛ لأن العمل الذي رغبت في إنجازه يقتضي بطبيعة الحال وقتا كبيرا. وعلى أية حال، ألححت عليه (أحمد) بعدم مغادرة مكان المقابلة حتى أسلمه المال الذي آخذه من الرجل العربي الذي حضر من الخارج، وبعد أن يستلمه أحمد يوصله إلى منزلي ويأخذ مكافأة على ذلك.

أما الخدم الآخرون فقد شددت عليهم في الاحتفاظ بالسر والتزام الصمت الكلي؛ لئلا يصيبني خطر جسيم من جراء افتضاح الأمر المكتوم.

أفهمت كلا من خدامي على حدة أنه في حالة استفسار أحد الضباط عني من أيهم (الخدم)، يكون جوابه على الضابط بأني قضيت ليلة شاقة جدا، اضطررت إزاءها إلى مغادرة فراشي (المؤلف) ليلا في صحبة خادمي أحمد لسماع نصيحة طبية من شخص لا يعرف أحد مقره، ولكن الذي يعرفه جميعنا (الخدم) هو ذهابه إلى شخص خبير بالمرض وملم بوصف الأدواء الناجعة.

رغبت بعد كل ذلك التضليل أن أسبك حيلتي وأحسن تمثيل روايتي الخيالية، فأفهمت خدمي بأني «مضطر للحصول على مقدار كبير من المال في صباح اليوم التالي، فلا حاجة بي إلى قسم كبير مما معي؛ لذلك أرى أن أحسن وأفضل مكان يفرق فيه ما معي هو أيدي خدمي الأمناء.» وحققت القوم بالفعل، فنفحت كلا منهم ببعض ريالات. وكل ما رميت إليه من تضليلي هو تأجيل الميعاد الذي يذاع فيه خبر فراري؛ فقد كنت على ثقة من أن سر تغيبي سيعرف لا محالة، سواء أذكر خدمي حقيقة عملي أم لم يذكروها، ولكني إلى جانب ذلك عرفت أن تكتم أولئك الخدم سيؤخر انتشار الخبر بضع ساعات تساعدني في الابتعاد مسافة جديدة عن المكان الذي فررت منه. أما خادمي أحمد فكان ينتظرني في المكان الذي عينته له راكبا بغلتي، وأما الخدم الذين أكثرت لهم الوعود فعلى انتظار المال الجديد الذي يوزع عليهم بسخاء!

ادعيت واختلقت من الأقوال كل ما يستطيع العقل التحايل به على أمثال أولئك الخدم السودانيين. ولكني وجدت - إلى جانب ما قلته ورتبته - الحاجة ماسة إلى حساب تدخل الخليفة واستفساره عني، فأدركت أن الخليفة سيسأل عني فيلقى من خدمي إجابة تدعو إلى الريبة والشك، وحينئذ يأمر الخليفة أحد الخدم للبحث عن أحمد، وهذا البحث يستغرق زمنا بطبيعة الحال، فإذا ما وصلوا إليه ذكر أحمد للخليفة حكاية الشخص المنتظر قدومه لتسليم ما هو خاص بي (المؤلف)، وتلك العملية الجديدة تستغرق وقتا آخر يعقبه فشل الباحثين، وعندئذ فحسب ينقب عني العسس والجنود والضباط بعد أن أكون في الواقع اكتسبت الوقت المساعد للفرار.

بعد أن أدركت ذلك عدت إلى إفهام خدمي بما ينطقون به عند الخليفة في فترات مختلفة.

بعد أن أديت صلاة العصر عدت إلى منزلي فجمعت خدمي مرة أخرى وشددت عليهم بالاحتفاظ بالسر الهام، ثم وعدتهم الوعود الكثيرة بما سأقدمه لهم من هدايا وأموال. وبعد ذلك خرجت من عتبة البيت الذي سكنته أكثر من عشر سنين، وقبل خروجي توسلت إلى الله تعالى أن يحفظني في رحلتي الشاقة، وأن يحميني من حياة الأسر والعبودية.

الفصل الثامن عشر

فراري

بعد ثلاث ساعات من غروب الشمس، أدينا فريضة صلاة العشاء مع الخليفة في المسجد الكبير، وبعد ذلك عاد (عبد الله) إلى مخدعه في بيته الخاص ، ثم مرت ساعة لم يحدث فيها أي تدخل من أي جانب في سير الأمور سيرها العادي. وفي نهاية تلك الساعة ذهب سيدي ومولاي الخليفة عبد الله إلى فراشه. ولم أكد أثق من ابتعاد الخليفة عن حركاتي، حتى حملت الفروة النظيفة التي تعودت استعمالها في الصلوات الخمس يوميا، ثم ارتديت معطفا صوفيا لوقايتي من البرد، ثم سرت في طريق المسجد إلى الناحية الشمالية من أم درمان، ولكني سمعت صوتا خفيفا، فخشيت وقوف من يعوق فراري، إلا أني تبينت الصوت بعد ذلك فعرفت أنه صادر من محمد الذي عينته الظروف الحسنة واسطة لفراري.

Shafi da ba'a sani ba