كنا مع أعظم من هذا على وعد ، ولكن المشيئة لله فيما بعد. فرحنا نكابد الأهوال ، ونقاسي حؤول الأحوال ، إلى أن أسفر الصبح عن ثاني شهر رمضان المعظم فوافينا (المخا) (1) معدن الأمن والرخا ، وألفيناها عارية إلا من الإيناس. خالية إلا من كرام الناس ، فكأن أول من تلقانا فيها ببشره ، وهفا علينا بطيب خلقه ونشره : واليها الباسق في دوحة النبوة غصنه النضير ، المشرق في فلك الفتوة بدره المنير ، الخافقة رايات عزه وسعده ، الثابتة آيات فخره ومجده ، ذو الأخلاق التي دلت على طيب الأعراق ، والمكارم التي انعقد عليها الإجماع والاتفاق ، من لم يزل العز الباذخ به يهيم مولانا السيد زيد بن علي بن ابراهيم (2):
له صحائف أخلاق مهذبة
منها العلى والنهى والمجد ينتسخ
لا زالت الأقلام لمدائحه ناظمة ناثرة ، وآيات فواضله في سائر الأقطار سارية وسائرة. ولعمري أن الأطناب في نشر مزاياه الشريفة علي دين ، ولكن لست بقائل فيه إلا ما قاله نادرة بأخرز (3) في السيد الرئيس ذي المجدين (4).
(لو ذهبت أصف ما تلقانا به من تشريف وتقريب ، وأهلنا من تأهيل وترحيب ، لخرجت من شرط هذا الكتاب ، واستهدفت من ألسنة النقاد لسهام العناد. أما الأدب فمنه وإليه ، ومعول أرباب الصناعة عليه ، وأما الخلق فكما يقتضيه الإسلام ، وكأنه منتسخ من أخلاق جده عليه السلام ، وأما الجاه فمسلم له غير منازع فيه ، وأما المحل فسلم لا يسلم من الزلل مرتقيه ، وأما السياسة فقد القت إليه الأرسان ، وأما الرئاسة فقد فرشت له رفرفها الخضر وعبقريها الحسان).
Shafi 60