فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - : إن في هذا الكلام عبرة لمن اعتبر ، فأول ذلك إقرارهم لنا بأنهم رأوا لنا تصنيفا وتعريفا ( 5 ) ونتائج تلزم المرء على طريق الاحتجاج وظاهر القول مما يحكمه ( 1 ) البيان وينطق به اللسان وتصوبه اللغة وتقيمه الحجة وبصرفه ( 2 ) اللحن بأفانين النحو وتحبير المعاني في اللفظ ، وإشعارها بالحس وتنبيهها بالجرس . وهذه - ولله الحمد - نعمة جليلة لله تعالى علينا لا نقوم بشكرها ، وهل الحق إلا في النتائج اللازمة للمرء على طريق الاحتجاج أما سمعوا قول الله تعالى { فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان } ( الرحمن : 33 ) ، ولا خلاف أن السلطان هو الحجة ، وقوله تعالى : { فلله الحجة البالغة } ( الأنعام : 149 ) وإذا شهدوا لنا بالبيان فلله الحمد كثيرا ، { الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان } ، ( الرحمن : 1 - 2 ) ، أما علموا أن القرآن بيان من الله تعالى وإذا شهدوا لنا باللغة تصوب ( 3 ) قولنا ، فقد فزنا - ولله الحمد - بالقدح المعلى ( 4 ) ، قال تعالى : { قرآنا عربيا } ( يوسف : 2 / طه : 113 / الزمر : 28 / فصلت : 3 / الشورى : 7 / الزخرف : 3 ) ، فإذا اللغة تشهد [ 178 ب ] لنا ، والقرآن بأيدينا ، فقد فلجنا ( 5 ) - ولله الحمد - وخاب وخسر من خالفنا . وأما قولهم في خلال ذلك إنهم رأوا لنا تمثيلا واشتقاقا ( 6 ) فكذب بحت . أما الكذب فدعواهم علينا التمثيل ، فلسنا نقول به ولله الحمد ، لأنه من باب القياس الذي هو عندنا عين الباطل ، لكنا نريهم بالتمثيل الذي يقرون به تناقض أقوالهم وإفساد بعضها بعضا . وأما الاشتقاق ، فقد عرف أهل المعرفة أننا ( 7 ) لا نقول به فيما عدا الأوصاف من الصفات فقط . وأما قولهم ( 8 ) إنهم أنكروا كل هذا وقد فروا عنه : فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير . وإن من أنكر البيان والحجة وما يصوبه النحو واللغة وأشعر بالحس ، لمخذول مسخم الوجه ، ونعوذ بالله من الضلال . وكذلك إخبارهم بوقوع النفار لهذا الحق ، وأنهم جعلوا كل ذلك بدعة ، فلا جرم قد قيل في القرآن : { إن هذا إلا سحر يؤثر * إن هذا إلا قول البشر } ( المدثر : 24 - 25 ) . وأطرف من هذا كله ، جعلهم القرآن والسنة بدعة وإحداث شرع ؛ فهل في الحيوان أكثر ممن يجعل قول من قال : لا آخذ إلا بما صح عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وأجمعت عليه الصحابة ، إحداث شرع فليت شعري هل إحداث الشرع إلا في الحكم في التحريم والتحليل ، والرأي والظن ، لو عقلوا وأما قولهم ( 1 ) : لم يكن هذا طريقة من مضى ، ولا سنن من به يقتدى ، فقد كذبوا وأفكوا ، وهل طريقة من مضى ومن به يقتدى إلا التمسك بالقرآن ، والأخذ بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما الطريقة التي لم تكن قط طريقة من مضى ، ولا من به يقتدى ، هي طريقتهم في تقليد إنسان بعينه ، فهذه البدعة المنفية التي لم تكن قط صدر الإسلام ، وإنما حدثت في القرن الرابع ، ونعوذ بالله من الحدثان كلها
10 - ثم قالوا : ' وان معنى الفقه غير معنى الكلام ' لأ 179 / أ ] . فالجواب - [ وبالله تعالى التوفيق ] - أن هؤلاء القوم ليسوا من أهل الفقه ولا من أهل الكلام ، ولا يحسنون شيئا غير التناغي والقول ( 2 ) الفاسد ، نحو ما أوردنا من كلامهم آنفا . وطريقة الفقه والكلام الصحيح ، إنما هي اتباع القرآن والسنن فقط ، وما عدا ذلك فباطل لا يجوز اتباعه ، وبالله تعالى التوفيق
11 - ثم قالوا : ' فخلوا كتاب حدا المنطق ( 3 ) لأجل ذلك ، ولما فيه التعمق والعرض ، وترتيب الهيئات ' .
Shafi 86