فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إننا هكذا نقول ، لأن الله تعالى يقول : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ( النور : 4 ) ، والصغيرة محصنة بالإسلام وبالحرية ، وبعدم الزنا منها جملة بيقين الكذب عليها ، وقلنا : العجب كله ممن يوجب الحد بالشك في كذبه ولعله صدق ، ثم يسقط الحد بيقين الكذب ، وإنما كان ينبغي لهم أن يعجبوا من قياسهم حد القذف والزنا على قذف آخر بفعل قوم لوط ، وبين قاذف بالكفر أو ببعض الكبائر من الزنا وأكل لحم الخنزير وغير ذلك ، فمن أين خصوا من رمى آخر بفعل قوم لوط بالحدود دون من رماه بالكفر أو بالعقوق أو بشرب الخمر ، وهم لا يقولون إن فعل قوم لوط زنا ولا حده عندهم حد الزنا ، فمن هذا ينبغي أن يعجب ، لا ممن تعلق بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم . إلى ها هنا انتهى ما رسموا من السخف ، وقد أوضحنا أنه كله عائد عليهم ، وهم قوم كادونا من طريق المغالبة وإثارة العامة ، فأركس الله تعالى جدودهم ، وأضرع خدودهم ، وله الحمد كثيرا ، وخابوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند السلطان ، وكتبوا الكتب الكاذبة ، فخيب [ الله ] سعيهم ، وأبطل بغيهم ، وله الشكر واصبا ، وخسئوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند أمثالهم ، فكتبوا الكتب السخيفة إلى مثل ابن زياد ( 1 ) بدانية وعبد الحق ( 2 ) بصقلية ، فأضاع كيدهم وفل أيدهم ، وله المن كثيرا والفضل ، فخزوا في ذلك ، ولم يبق لهم وجه إلا مثل هذه السخافة ، فرموا سهمهم الضعيف ، فأظهر الله في ذلك عوارهم وأبدى عارهم ، وهو أهل الطول والمنة علينا أبدا ، فعاد جدهم حسيرا ، وحدهم كسيرا ، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل . وصلى الله على سيدنا محمد خاتم أنبيائه ورسله وسلم تسليما كثيرا ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين .
Shafi 116