فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إننا هكذا نقول ، لأن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال من رواية ابن مسعود وعائشة وعثمان رضي الله عنهم ( 1 ) : ' لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو نفس بنفس ' ولا يحل قتل مسلم بغير هذه الثلاث إلا أن يأتي نص بقتله في قتله بصفته ، فيضاف إلى هذا الحكم . ولم يأت نص بقتل تارك الصلاة حتى يخرج وقتها وهو يقر بفرضها ، والعجب كل العجب من قولهم بقتل الممتنع من الصلاة إذا خرج وقتها وهي عندهم تجزئة متى صلاها أبدا . فلم خصوا خروج الوقت بقتله ووقتها باق في قولهم الفاسد أبدا فهل في التخليط أكثر من هذا وأما الآية التي ذكروا فلا حجة فيها ، لان الله تعالى يقول فيها : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ( التوبة : 5 ) فإنما أمر الله تعالى بقتل المشركين لا بقتل المسلمين ، فمن أسلم فليس مشركا ، وإذ ليس مشركا فقد حرم قتله . فإن أبوا التعلق بظاهر قوله تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ، قيل لهم : ليس مراد الله تعالى ما ظننتم . برهان ذلك إجماع الأمة كلها ، أولها عن آخرها وأنتم في الجملة ، على أن امرءا لو أسلم [ 193 ب ] مع طلوع الشمس فأنه يخلى سبيله ولا يثقف حتى يأتي الظهر ولا حتى يحول الحول على ماله فيزكي عليه ، هذا ما لم يقله مسلم قط . ولو أسلمت نفساء أو حائض ، فلا خلاف من أحد من الأمة كلها أنها يخلى سبيلها ولا يثقف حتى تطهر فتصلي ؛ وصح بهذا يقيننا ان مراد الله تعالى بقوله : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ، إنما هو الإقرار بان الصلاة فرض ، ولو كان ما ظنوه لوجب ألا نخلي سبيل من أسلم حتى يأتي وقت الصلاة فيصلي وحتى يحول عليه الحول كاملا فيزكي ، فحينئذ يطلق ويخلى سبيله . ومن قال هذا فقد خرج عن الإسلام بخرقه الإجماع . ثم . نسألهم عن المقر بفرض الصلاة وهو يقول : لا أصلي ، أكافر هو أو مؤمن فإن قالوا : كافر ، وهم لا يقولون هذا ، لزمهم ألا يورثوا منه ورثته المسلمين ولا يدفنوه في مقابرهم ولا تنفذ وصيته . ثم نسألهم ، فإن قالوا : بل هو مسلم ، فقد حرم الله دماء المسلمين إلا بحقها ، وقد بين الله تعالى حقها ، ولم يبين في جملة ذلك من قال : لا أصلي ، وهذا القول منهم لم يأت بد قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا نظر ، فهو فاسد مقطوع على فساده ، واستحلال لدم مسلم بالباطل وبالرأي الفاسد . وأما نحن فنقول : إنه أتى منكرا ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 1 ) : من رأى منكم منكرا أن يغيره بيده ، فنحن نضربه ( 2 ) أبدا حتى يصلي أو يموت ، غير قاصدين إلى قتله ، وهكذا نفعل بكل من أتى منكرا حتى يتركه ، وبالله تعالى التوفيق
33 - ثم قالوا : وقلت : ' إن للمصلي أن يصلي ظهرا خلف من يصلي عصرا ' .
Shafi 113