فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إن هذا من العار والشنار الذي ينبغي أن يستحيي منه من له مسكة حياء وعقل ، لان ما اتفقت عليه الجماعة وائتلفت فيه العلماء واستقر [ 184 / أ ] الأمر عليه ، فلا خلاف فيه بين أحد من الأمة ، ولا هم أولى به من غيرهم . وأما ما اختلف الناس فيهن فليس بعضهم أولى بالحق فيه من بعض ، إلا من وافق قوله القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط ، فلا أضل ولا أجهل ولا أقل حياء ممن يريد ( 1 ) رأي مالك الذي خالفه فيه غيره من العلماء بان يوجب اتباع الإجماع . وأما قولهم : إن الذي عليه الأكثر فهو الهدى والطريقة المثلى ، فكلام في غاية السخف ، لان الحنفيين كانوا أكثر من المالكيين أضعافا مضاعفة ، ولعلهم اليوم يوازونهم في العدد ، والشافعيين أكثر منهم ، فينبغي أن يتبع الأكثر ، وقد قيل أهل المقالة تعد كثرتهم ، فينبغي أن يعود الهدى لذلك ضلالا . وهذا ( 2 ) كلام مبرسم لا يرضى به [ من له ] مسكة عقل . وقد كان مالك وحده ثم وافقه نفر يسير ثم كثروا . وقد كان القائلون بمذهب الأوزاعي كثيرا ثم انقطعوا ، وكل هذا لا معنى له . ثم يقال لهم : عن التزمتم اتباع الأكثر فإن جميع أهل الإسلام مجمعون على [ أن ] اتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو الواجب ، وأنه لا يلزم اتباع أحد دونه ، فلا تفارقوا هذا الإجماع فهو الحق المبين الذي من عاج عنه ضل في الدنيا والآخرة . وأما قولهم : ' أصحابي ( 3 ) كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ' ، فحديث موضوع ( 4 ) ، ثم لو صح لكان حجة عليهم ، لأنهم يلزمهم على هذا أن لا ينكروا على أحد قال بقولة قائلها صاحب ، وقد صح عن بعض الصحابة ألا غسل من الإكسال ، وإباحة الدرهم من الدرهمين ، وإباحة المتعة ، وأكل البرد للصائم ، وغير ذلك كثير لا يقولون به . وبالجملة إن القوم في هذر وعمى لا يحسنون ، ولا يبالون ما يتكلمون به ، والله اعلم
Shafi 96