فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - [ 180 / أ ] أن هذا مما قد أخزيناهم ( 2 ) فيه ، وبينا أن الشرع الزائد والجهل المبتدع هو ما هم عليه من التقليد الذي قد نهى عنه من قلدوه ، والذي هم مقرون بأنه لا يجوز ، وكفى ضلالا وبدعة وشرعا مهلكا لمن يدين الله تعالى بشيء يقر بأنه باطل ، وهذا يكفي من عقل ، وبالله تعالى التوفيق . وأما قولهم : إننا انفردنا به وخالفنا من مضى ، فكذب منهم بحت لم يستحيوا فيه من عاجل الفضيحة . وما انفردنا قط بقول ولله الحمد ، بل نحن أشد موافقة للصحابة والتابعين ، رضي الله عنهم ، منهم . فقد ألفنا كتابا ضخما فيما خالفوا فيه الطائفة من الصحابة رضي الله عنهم بآرائهم ، دون تعلق بأحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم . وهم لا يجدون لنا هذا ، إلا أن يجدوه في الندرة ، ومما تعلقوا فيه من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فشتان بين الأمرين . وأما قولهم : إننا نسبنا إلى الرواة المؤلفين للدواوين الراسخة الوهلة ( 3 ) والغفلة والتضييع والعي والبلادة وقلة الفهم ، فقد كذبوا . وغنما بينا بالبرهان الحق خطأ من اخطأ وصواب من أصاب فقط ، وما العائب للصحابة إلا هم في ازورارهم ( 4 ) عن كل ما جاء عنهم ، وإطراحهم لجميع أقوال الصحابة استغناء عنهم برأي مالك وحده دون جميع فقهاء أهل الإسلام ، سالفهم وخالفهم . وأما إقرارهم لنا بالاتساع في الكلام والمعرفة باللغة ، فأمر لا نحمدهم عليه في الإقرار ، لأنا ( 1 ) لم نزد بذلك فضلا ، ولا يغضنا ( 2 ) جحدهم لذلك إن جحدوا وحسبنا الله ونعم الوكيل
14 - ثم قالوا : ' وصنعت دواوين وحبرتها على ما قد ظهر إليك ، لم تقتنع بتواليفهم ولا صوبتها ولا رضيتها ، فخالفتهم وعبتهم فيما ألفوه وخطأتهم فيما صوبوه ( 3 ) ، استنقاصا لحقهم ، وتنكبا عن [ 180 ب ] قصدهم ' .
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - أن هؤلاء القوم لا يستحيون من الكذب والبهتان ، يطلقون أننا رغبنا عن تواليفهم ولم نصوبها ولا رضيناها ، وخالفناها ، وعبناها ( 4 ) وخطأناها ، استنقاصا لحقهم ( 5 ) ، وتنكبا عن قصدهم ، فهلا بينوا هذا الضمير إلى من يرجع وهذه التواليف ما هي لكننا نحن نبين - بحول الله تعالى - كل ذلك ببيان نشهد الله تعالى وملائكته وكل من سمعه بأنه الحق ، وذلك أن الناس ألفوا : فألف أصحاب الحديث تواليف جمة ، وألف الحنفيون تواليف جمة ، وألف المالكيون تواليف ، والشافعيون تواليف ، فلم يكن عندنا تأليف طبقة من هذه أولى أن يلتفت إليه من تأليف غيرها ، بل جمعناها ولله الحمد وعرضناها على القرآن وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلأي تلك الأقوال شهد القرآن والسنة أخذنا به ، وتركنا ما عداه . وأما هم ( 6 ) فخالفوا تواليف جميع أهل الإسلام أولها عن آخرها ، ولم يقنعوا بها ولا صوبوها ( 7 ) ولا رضوها ، بل خالفوها وعابوها وخطأوا أصحابها استنقاصا لجميع أهل العلم من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم في مشارق الأرض ومغاربها ، حاشا المدونة والمستخرجة فقط . فمن أشد استنقاصا للعلماء ، ولكتب العلماء ، هم أم نحن وهل في هذا خفاء على ذي بصيرة والحمد لله رب العالمين .
Shafi 89