بصديقه لأنه حيل بينه وبين العودة إلى هوى له بالمرية (١) . ويقول ياقوت نقلًا عن صاعد الأندلسي إن ابن حزم وزر للمعتد بالله هشام بن محمد (٢)، ونحن نعلم ان أهل قرطبة أرسلوا بيعتهم إلى هشام وهو في البونت (البنت) في ربيع الآخر سنة ٤١٨ ثم انتقل إلى قرطبة سنة ٤٢٠، فإذا كان ابن حزم قد وزر له أولًا فقد انتقل إلى البنت وإذا كان قد وزر له بعد ذلك فقد انتقل إلى قرطبة، ولكن الرسالة كتبت في شاطبة، ولابد ان يكون ذلك قد تم في وقت ما بين سنتي ٤١٧ - ٤١٨، ومما يزيد الأمر تحديدًا قول ابن حزم، في حكم بن المنذر بن سعيد البلوطي: " وحكم المذكور في الحياة حين كتابتي إليك بهذه الرسالة، قد كف بصره وأسن جدًا " وقد ذكر ابن بشكوال نقلًا عن ابن مدير ان وفاة حكم كانت في نحو سنة عشرين وأربعمائة (٣)، وهذا يعني أن وفاته تمت في ٤١٨ أو ٤١٩ أو أوائل سنة عشرين وأربعمائة (٤) .
ولا أعلم أن ابن حزم أشار إلى هذه الرسالة في سائر كتبه ولكن النقول القليلة التي وردتنا منها (وخاصة في روضة المحبين لابن قيم الجوزية، على تباعد في الزمن) تؤكد اسم الرسالة ونسبتها إلى ابن حزم فإذا كان التاريخ الذي قدرناه لتأليف الرسالة صوابًا أو قريبًا من الصواب، كان ابن حزم عندما كتبها في حدود الرابعة والثلاثين من عمره، وكان قد حصل ضروبًا من الثقافات فيها الفقه والحديث - على أساس ما يظهر جليًا في هذه الرسالة - والمنطق والفلسفة والنجوم، ونظر في التوراة، وشهر بقوة عارضته في الجدل، وبالتفنن في ضروب مختلفة من الشعر، ولكن الطابع العقلاني يزاحم في شعره قوة العاطفة ويتغلب على المجال التصويري.
_________
(١) طوق الحمامة: (باب البين رقم ٢٤ ص ٢١٦ - ٢١٧) .
(٢) معجم الأدباء ١٢: ٢٣٧ وسقط هذا من ترجمة ابن حزم في طبقات الأمم: ٧٦ ثم أضيف اعتمادا على احدى النسخ الخطية (ص: ١١٦ وتصحف المعتد إلى المقتدر) .
(٣) الصلة ١: ١٤٦.
(٤) انظر طه الحاجري: ابن حزم، صورة أندلسية: ١٥٣ - ١٥٤.
1 / 39