المَرْوَزي الفقيه، وأبي داود النَّخَعي، قد وضعوا الأحاديثَ في الفضائل والرغائب للحُسْبة، بمعنى أنهم يحتسبون -بزعمهم الباطل وجهلهم في صنيعهم ذلك- الأجر وطلب الثواب، فقُبِلَت تلك الموضوعات رُكونًا إليهم، وَوُثوقا بهم؛ لما اتَّصفُوا بِهِ من التديُّن" (١). انتهى.
وقال العراقي: وضربٌ يتديَّنون بذلك لترغيبِ النَّاسِ في أفعال الخير بزعمهم، وهم منسوبون إلى الزُّهد، وهم أعظم الأصناف ضَررًا؛ لأنَّهم يحتسبون بذلك، ويرونَهُ قُرْبةً، فلا يمكن تركُهم لذلك، والنَّاسُ يركنون إليهم؛ لما سنُّوا لهم من الزُّهد والصَّلاح، فينقلونُها عنهم. ولهذا قال يحيى بن سعيد القطَّان: ما رأيتُ الصَّالحين أكذب منهم في الحديث، يريد -والله أعلم- بذلك: المنسوبين للصلاح، بغير علم يفرِّقون به بين ما يجوز لهم وما يمتنع عليهم. انتهى.
وقد صَرَّح جمعٌ من المحدِّثين بكونِ أمثال هذه الروايات موضوعة، وبكون هذه الصَّلاةِ بِدْعة باطلة.
قال علي القاري المكي في "تذكرة الموضوعات" (٢): حديث "مَنْ قضى صَلاةً من الفرائض في آخرِ جمعةٍ من رمضان كان ذلك جابرًا لكُلّ صلاة فاتَتْهُ في عمره إلى سبعين سنة" باطلٌ قَطْعًا؛ لأنَّه مناقضٌ للإِجماع، على أنَّ شيئًا من العبادات لا يقومُ مقامَ فائتةِ سَنَوات، ثم لا عِبْرة بنقل صاحب "النهاية" (٣) ولا بقيّة شُرَّاح الهداية؛ لأنَّهم ليسوا من المحدِّثين،
_________
(١) فتح المغيث ١: ٣٠٢.
(٢) ص ٣٤٢.
(٣) هو حسام الدين حسين بن علي السِّغْناقي نسبةً إلى سِغْناق -بكسر السين المهملة وسكون الغين المعجمة- بلدة في تركستان. من مصنفاته: "النهاية شرح الهداية"، =
1 / 57