هشام (١)، هل يجوز لنا أن نفتي منها؟ فقال: ما صحَّ عن أصحابِنا فذلك علمٌ مُجْتَبى، مرغوبٌ فيه، مرضيٌّ، فأمَّا الفتوى فإني لا أَرَى لأحدٍ أن يُفتي بشيءٍ لا يفهمُهُ، ولا يتحمَّل أثقالَ الناس، فإن كانت مسائل قد اشتهرت وظَهَرَتْ عن أصحابنا رَجَوْتُ أن يَسَع الاعتمادُ عليها. انتهى.
وقال علي القاري في "تذكرة الموضوعات": من القواعد المعلومة الكليَّة: أنَّ نقْلَ الأحاديثِ النبويَّة، والمسائلِ الفقهيّة، والتفاسيرِ القرآنية: لا يجوزُ إلَّا من الكتب المتداوَلة؛ لعدمِ الاعتماد على غيرها من وضعِ الزنادقة، وإلحاق الملاحدة، بخلافِ الكتب المحفوظة (٢). انتهى.
_________
= ٥: ٤٥٦: "طريق نقله -أي المفتي عن المجتهد- أحد أمرين: إما أن يكون له سند، أو يأخذ عن كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمَّد بن الحسن ونحوها من التصانيف المشهورة للمجتهدين؛ لأنه بمنزله الخبر المتواتر عنه أو المشهور. هكذا ذكر الرازي. فعلى هذا: لو وجد بعض نسخ "النوادر" في زماننا لا يحل عزو ما فيها إلى محمَّد ولا إلى أبي يوسف؛ لأنها لم تشتهر في زماننا في ديارنا ولم تتداول. نعم إذ وُجِدَ النقل عن "النوادر" مثلًا في كتاب مشهور معروف كـ "الهداية" و"المبسوط" كان ذلك تعويلًا على ذلك الكتاب انتهى، وهذا النصُّ ذكره الإمام اللكنوي في "الأجوبة الفاضلة" ص ٦١، ٦٢ نقلًا عن هذا المصدر.
(١) هشام بن عبيد الله الرازي، كان من بحور العلم، تفقه على محمَّد بن الحسن، وتوفي في دارِهِ الإِمام محمَّد بالري، وتوفي هشام سنة ٢٢١ رحمه الله تعالى. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ٤٤٦:١٠، ٤٤٧. وكان يضطرب في رواياته عن الإِمام محمَّد، وكان أقل ضبطًا من محمَّد بن سماعة، ولا سيما في رواية كتاب (الأصل)، وينظر: "الجواهر المضية" ٣: ٥٦٩، و"ناظورة الحق" للمرجاني ص ٢١.
(٢) الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، ص ٣٩٣.
1 / 42