وثالثها: أنَّ هذه الكتب التي استندوا بها ليست من المتون المعتَبَرة، ولا من الشروح المعتَمَدة، وإنَّما هي من جنس الفتاوى كالصَّحَارى.
وقد ذكر ابنُ نُجيم في رسالته "رفع الغِشاء عن وقت العصر والعِشاء" نقلًا عن "أنفع الوسائل" (١): أنَّه لا عبرة بنقول الفتاوى إذا عارضتها نقول المذهب، وإنَّما يُستأنس بما في الفتاوى إذا لم يُوجَد ما يخالفُها من كتبِ المذهب. انتهى.
وقد عَرَفتَ أنَّ نُقُولَ هذه الكتب في تجويزها هذه الصلاة بتلك الكيفيَّة مخالِفةٌ لفروعِ المذهب المدوَّنة، وللأصول المقرَّرة، فلا يصحُّ الإِفتاء بها.
ورابعها: أنَّ الإِفتاء بها موقوفٌ على عِلمِ حال مُصنِّفيها، وأنَّهم التزموا فيها نقلَ الأقوال "الصحيحة" وبدون ذلك لا يحلُّ الإِفتاء منها.
قال ابن عابدين في "ردِّ المحتار": في "شرح الأشباه" لشيخنا المحقِّق هبة الله البعلي (٢): قال شيخنا العلَّامة صالح الجنيني (٣): إنه
_________
(١) أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل، للقاضي برهان الدين إبراهيم بن علي الطَّرسوسي الحنفي المتوفى سنة ٧٥٨ ﵀، جمع فيه المسائل المهمة، ورتَّبها على ترتيب كتب الفقه، كما في "كشف الظنون" ١: ١٨٣.
(٢) هو العلَّامة الفقيه المحدِّث هبة الله بن محمَّد بن يحيى البعلي، مفتي بعلبك، الدمشقي، الشهير بالتاجي، ولد في دمشق سنة ١١٥١ ونشأ بها، واشتغل في طلب العلوم. وله مؤلفات كثيرة، منها: حاشيته على "الأشباه والنظائر" لابن نجيم. توفي سنة ١٢٢٤ رحمه الله تعالى. كما في ترجمته في "حلية البشر" لعبد الرزاق البيطار ٣: ١٥٧٦ - ١٥٧٨.
(٣) هو العلَّامة الفقيه المحدث صالح بن إبراهيم الجنيني الدمشقي. ولد بدمشق سنة =
1 / 43