317

Ka'idojin Fiqihu

القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها

Mai Buga Littafi

دار القلم

Nau'ikan

الوضوء من شرب لبن الإبل(1) . ولا أعلم أحدا وافقه عليها، ومذهبنا ومذهب العلماء كافة: لا وضوء من لبنها.

واحتج أصحاب أحمد بحديث عن أسيد بن حضير... - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : "لاتوضؤوا من ألبان الغنم، وتوضؤوا من البان الإبل" . رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف: فلا حجة فيه؛ ودليلنا أن الأصل الطهارة ولم يثبت ناقض"(2) .

فهفنا عند أول النظر في هذا الترجيح يتراءى لنا أن الإمام النووي استند إلى االقاعدة المشهورة: "الأصل بقاء ما كان على ما كان"، وقدمها على الحديث الضعيف. فأقول رفعا لهذا الاحتمال أنه إذا صح هذا الترجيح - بعد النظر والموازنة بين أدلة الفريقين، الشافعية والحنابلة - ليس من المستطاع أن نصرح بأنه استند هنا إلى قاعدة فقهية ، بل رجع إلى دليل أصولي : وهو الاستصحاب المعتبر ملهما.

فالقاعدة باعتبارها قاعدة فقهية لا تصلح أن تكون دليلا، اللهم إلا إذا كانت بعض القواعد صفة أخرى، وهي كونها معبرة عن دليل أصولي، أو كونها حديثا ثابتا مستقلا مثل "لا ضرر ولا ضرار"، "الخراج بالضمان"، "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" . فحينئذ يمكن الاستناد إليها في استنباط الحكم وإصدار الفتوى وإلزام القضاء بناء عليها.

وينبغي أن يبين هنا أن عدم جواز استناد القاضي أو المفتي إلى إحدى القواعد الفقهية وحدها، إنما محله فيما يوجد فيه نص فقهي يمكن الاستناد إليه فأما إذا كانت الحادثة لا يوجد فيها نص فقهي أصلا لعدم تعرض الفقهاء لها وجدت القاعدة التي تشملها، فيمكن عندين استناد الفتوى والقضاء إليها، اللهم إلا إذا قطع أو ظن فرق بين ما اشتملت عليه القاعدة وهذه المسألة الجديدة .

(2) المجموع شرح المهذب: 64/2.

Shafi 330