لأمر قد أظل أوانه
14 ...
في هذه الفترة من تاريخ مصر كان باكباك التركي هو السيد الآمر في قصر الخليفة المعتز، وكان إليه الأمر كله، ولكنه يطمع في مزيد من الجاه، فسأل الخليفة أن يشرفه بولاية مصر، فولاه فراح يلتمس النائب الأمين الذي يخلفه على تلك الضيعة.
وكان ابن طولون قد بلغ تلك المنزلة فأنابه باكباك ... •••
صاح المؤذن، وقد اختفى حاجب الشمس وراء الأفق الغربي: «الله أكبر ...» فابتدر الأمير وجلساؤه إلى قصعة فيها تمر رطب، ثم دارت عليهم أقداح الحليب فشربوا ورووا، ومسح الأمير فمه وتلا في صوت خشعت له الجماعة: «الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله!» ثم دعا: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وبك آمنت، وعليك توكلت ... اللهم فاجعلني في المقبولين من عبادك، ووفقني في أمر هذا البلد لرضاك، وأحسن رعيتي في خلقك، فإنه لا إحسان إلا ما أحسنت، ولا هداية إلا ما وفقت، يا أحكم الحاكمين!»
وأمن جلساء الأمير على دعائه.
15
ثم انتدب من بينهم فقيه أهل مصر ومحدثهم أبو عبد الله محمد بن عبد الحكم المصري،
16
فقال: «بلغك الله سؤلك أيها الأمير وأنعم بك، إن هذه أمانة من أمانة الله في عنقك، وقد وليها قبلك أمراء، منهم البر والفاجر، والأمين والغادر، أما البر والأمين منهم، فكان للخليفة بره وأمانته، ليس للأمة من ذلك نصيب، وأما فجور الفاجر وغدر الغادر، فكان للأمة من كليهما نصيبها، وللسلطان نصيبه، فعلى الأمة المغرم في الحالين، وإنما نحن وفد هذه الأمة إليك، وقد سبقتك إليها أنباؤك، فاستبشر عامتها وخاصتها بمقدمك، وإنها لترجو على يديك الخلاص من فساد الحكم، وجور الملتزم
Shafi da ba'a sani ba