( والحد في القطع منصوص به وعلى الإمام أن ينقذ الحكم الذي نزلا ) الحد الجائز بين شيئين ومنتهى الشيء والدفع والمنع وتأديب المذنب بما يمنعه وغيره وهو المراد هنا وقوله في القطع أي في قطع الطريق وقوله منصوص به أي نص الله عليه بقوله ( أنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) أختلف المفسرون في ذلك فقال جمهور العلماء أن أو هاهنا على الترتيب وقال مالك أن أوهنا على التخيير كما وضعت له لأنه الأصل في وضعها ورفع القطب رحمه الله عن عمرو بن فتح من أجل علمائنا المغاربة في تفسير الآية من حارب أو قطع الطريق فأصاب في محاربته الأموال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ومن قطع الطريق من أهل الشرك ثم قدر عليه وأصاب الأموال والأنفس فأنه يصلب ولا يصلب أحد من أهل القبلة وأن جاء تائبا قبل أن يقدر عليه هدر عنه ما أصاب في محاربته ولا يهدر عن أحد من أهل القبلة ما أصابه في محاربته فأن طلبه الإمام فامتنع لا يقارب ولا يترك حتى يسلم لحكم الله تعالى ويقاتل على امتناعه فما أصاب في امتناعه من الأنفس وما دونها من الجراحات يهدر عنه ولا يؤخذ به لأنه لا قصاص بينه وبين المسلمين لا تقيدونه من أنفسهم فيما أصابه منهم وكذا لا يعطونه لأنه إذا نزل قوم بمنزلة من لا نعطيهم القصاص من أنفسنا فيما أصبنا منهم فكذلك لا نأخذ منهم ما أصابوا منا ولا يستقيم أن نستحل قوما فنأخذ منهم القصاص ولا نعطيهم ذلك من أنفسنا و أما النفي الذي ذكره الله فهو أن يطالبهم الإمام و المسلمون بإقامة ما حكم الله فيهم و عليهم من القتل و القطع و الصلب فيهربون و لا يؤمنون في شيء من بلاد المسلمين و ليس ذلك على معنى ما يقول من يقول أن الإمام فيهم مخير إن شاء قتلهم و إن شاء صلبهم و إن شاء قطعهم و إن شاء نفاهم و لا يحل ما يقال أن النفي هو الحبس أي كما قال أبو حنيفة لكن كما فسره العلماء فالنفي يما حكم الله عليهم فيه فيهربون و لا يؤمنون بشيء من بلدان المسلمين و رفع القطب رحمه الله عن الشيخ يوسف بن إبراهيم رحمه الله قال اختلف العلماء في ظاهر هذه الآية و باطنها فمن قائل أنها على ظاهرها فمن وقع اسم الحرابة عليه فالإمام مخير فيه بجميع ما ذكر في الآية من القتل و الصلب و تقطيع الأيدي و الأرجل من خلاف و النفي و بعض يقول أن الآية مرتبطة بلحن الخطاب فيقول يقتلون إن قتلوا و يصلبون إن قتلوا و هم مشركون و تقطع أيدهم و أرجلهم إذا لم يقتلوا الأنفس و لكن أخذوا الأموال و قوله أو ينفوا من الأرض اختلفوا فيه على قولين قال بعضهم النفي أن يطلبوا حتى لا يأمنوا على أنفسهم في من بلدان المسلمين و قال بعضهم النفي أن يسجنوا و ينفوا من على وجه الأرض حتى يؤمن فسادهم أي تفسير قوله أو ينفوا أن يسجنوا و في المقام مسائل.
المسألة الأولى: هل الحكم على قاطع الطريق موقوف على الإمام و لا يقيمه غيره كسائر الحدود أو سائغ للناس جميعا انفاذه في كل زمان إن قدروا و فرق بعضهم فقال القتل جائز لسائر الناس في الظهور و الكتمان و ما سواه لا يجوز إلا للإمام و لعل حجة المحجوزين عموم قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط) و حجة المانعين قوله صلى الله عليه و سلم (الحدود و الفيء و الجمعات للإمام ) و أما حجة المفرقين بين القتل و غيره لا علم لي فيه و الله أعلم.
المسألة الثانية: هل القاطع من أخاف الطريق و أعلن الفساد في الأرض و تلك عادته على عموم المار أو من قصد طائفة معينة يسمى قاطعا و يجري عليه الحكم كالعام خلاف قال في النيل و شرحه و لا يحكم عليه بقطع إن قطع على معين كرجل و رجلين أو ثلاثة أو أكثر أو قبيلة أو بلدة و أظهر أن مراد القطع على خصوص هؤلاء إلا إن كانت تلك القبيلة أو سكان البلدة عامة مائة رجل أو أربعين على الخلاف في العادة و الله أعلم.
Shafi 20