340

Ƙarshen Nikaɗa A Rayuwar Mazaunin Hijaz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Mai Buga Littafi

دار الذخائر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٩ هـ

Inda aka buga

القاهرة

«وا قوماه»، فأتى سعد على حمار، فلما دنا قريبا من باب المسجد، وانتهى رضى الله عنه إلى رسول الله ﷺ وإلى المسلمين وهم حوله جلوس، قال رسول الله ﷺ للأنصار: قوموا إلى سيدكم «١»، فقاموا صفين، كل رجل منهم يحيّى سعدا، حتى انتهى إلى رسول الله ﷺ، فقال: احكم يا سعد، فقال: الله ورسوله أحقّ بالحكم، قال ﷺ: قد أمرك الله أن تحكم فيهم، فقال سعد لبنى قريظة: أترضون بحكمي؟
قالوا: نعم، فأخذ عليهم عهد الله وميثاقه أنّ الحكم ما حكم به سعد، قال سعد:
فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسّم الأموال، وتسبي الذرارى والنساء، فقال رسول الله ﷺ لسعد: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات» «٢» .
وما أحسن قول من قال:
ليت دهري حاكم لي ... في عدوّي ليغيظه
وهو قد يحكم يوما ... حكم سعد في قريظة
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: دمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ فقطع الجلد، فحسمه* رسول الله ﷺ بالنار، فانتفخت يده فنزف، فلما رأى ذلك قال: «اللهم لا تخرج نفسى حتّى تقرّ عينى من بنى قريظة»، فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتّى نزلوا على حكم سعد، فأرسل إليه، فحكم أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم ليستعين بهم المسلمون، فقال رسول الله ﷺ: «أصبت حكم الله فيهم»، فلما فرغ منهم انفتق عرقه فمات رضى الله عنه، كما سيأتى قريبا. وينسب لحسان بن ثابت في رثائه قوله:
لقد سجمت «٣» من دمع عينى عبرة ... وحقّ لعيني أن تفيض علي سعد
قتيل ثوى في معرك فجعت به ... عيون ذراري «٤» الدّمع دائمة الوجد
على ملّة الرحمن «٥» وارث جنّة ... مع الشهدا، وفدها أكرم الوفد
فإن تك قد ودّعتنا وتركتنا ... وأمسيت في غبراء مظلمة اللّحد

(١) حديث ثابت في كثير من كتب السنة والمغازي، وفيه رد على طوائف المتفيهقة.
(٢) وفي رواية: «من فوق سبعة أرقعة» .
* يقال: حسم العرق إذا قطعه وكواه لئلا يسيل دمه.
(٣) سال دمعها غزيرا.
(٤) ذرارى الدمع من ذر الحب والملح والدواء: فرقه، والمعنى أن دمعى متفرق ولكن قلبى دائم الوجد والحزن.
(٥) والمعنى أنه على ملة الرحمن، ومات مسلما شهيدا، رضى الله عنه.

1 / 288