[لا يعلم عن أحد من الصحابة أنه أسقط النذر مطلقا بلا بدل ولا
كفارة، كما لا يعلم عن أحد منهم أنه جعل تحريم الحلال لغوا]
فهذا المرسل عن الحسن يدل على أصل علم عنده بهذا الحديث فإن كان سمعه من عمران وإلا فقد بين في فتياه أن بينه وبين عمران ثقة.
وقدماء البصريين الذين صحبوا عمران من أهل الخير والدين.
وحديث أبي إسرائيل قد روي فيه «وليكفر» رواه البيهقي من حديث محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال قال أبو إسرائيل بن قشير «إنه كان نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اقعد واستظل وتكلم وكفر» قال البيهقي محمد بن كريب ضعيف.
وعندي أن ذلك تصحيف وإنما هو «وصم» كما في سائر الروايات.
قلت أما المرفوع فالله أعلم بباطنه ولكن لا ريب أنه ثبت عن عمران وابن عباس «أنهما أمرا بكفارة يمين في نذر المعصية والعجز» وهما اللذان رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوفاء في هذا النذر وكذلك غيرهما من الصحابة مثل عقبة بن عامر وهو الذي روى حديث أخته وقال «كان يقول النذر حلف» وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «كفارة النذر كفارة يمين» وكذلك سمرة بن جندب وعمر وغيرهم لا أعلم من الصحابة من أسقط النذر مطلقا بلا بدل ولا كفارة لا في عجز ولا في معصية.
فدل هذا على أنه كان من المعلوم عندهم أن من لم يوف يكفر كما كان من المعلوم عندهم أن من لم يوف بيمينه يكفر لأن نبيهم صلى الله عليه وسلم بلغهم عن الله «أن كفارة النذر كفارة يمين» ولأنهم قد فهموا من كتاب الله أن من حرم حلال الله فعليه كفارة يمين أو غيرها.
Shafi 59