فكان هذا مما تبين للمسلمين أن النذر يكفر كما تكفر اليمين وقد علم ذلك المسلمون ولهذا كان المنقول عن الصحابة في النذر الذي لا يوفى به لعجز أو معصية هو الأمر بالكفارة وهم الذين رووا عنه أنه لا نذر في ذلك كما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه روى ذلك وأفتى ذلك الشخص بالكفارة وكذلك حديث أبي إسرائيل رواه ابن عباس.
وقد ثبت عنه من غير وجه أنه أمر في نذر المعصية بالكفارة وفي النذر الذي لا يطاق بالكفارة وجاء ذلك مرفوعا عنه في الحديث الذي في السنن وقد صححه بعض الحفاظ وأمر بالبدل إذا كان له بدل كما أمر في الذي نذر ذبح نفسه بكبش وأمر من حلف به بكفارة يمين ذكره الخلال في كتاب الجهاد من جامعه عن حنبل حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن زرارة «أن رجلا أتى ابن عباس فقال إني نذرت أن أغزو الروم وإن أبوي يمنعاني فقال ابن عباس أطع أبويك فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك وكفر عن يمينك».
قال حنبل قال عمي يعني أحمد بن حنبل قال ابن عباس «كفر عن يمينك».
وقد علم أن هذا نذر معصية فأمره بالطاعة وأوجب عليه الكفارة.
وحديث الناقة رواه عمران بن حصين وهو كان يأمر في النذر المعجوز عنه بالكفارة ويأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أيضا في نذر المعصية بالكفارة وقد روي عنه أنه أثر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قد تكلم في إسناد المرفوع وقد ذكرت أسانيد ذلك في غير هذا الموضع رواها البيهقي وعللها ثم قال البيهقي وأصح شيء فيه عن الحسن ما أخبرنا وساق بالإسناد الثابت من حديث همام عن قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران البرجمي «أن غلاما لأبيه أبق فجعل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده فلما قد عليه بعثني إلى عمران بن حصين فسألته فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة فقال قل لأبيك فليكفر عن يمينه وليتجاوز عن غلامه» (1).
Shafi 54