وكفارة اليمين كان معلوما عند المسلمين أنها تجب على كل من حنث وإن حلف على معصية وكان حنثه واجبا كما قال تعالى {5: 87 - 89 يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين • وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون • لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} وقال {66: 1 - 2 يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم • قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} فقد نهى الرسول والمؤمنين عن تحريم الطيبات وأمر في ذلك بالكفارة وهذا يتناول ما إذا حرموها باليمين باتفاق العلماء.
فعلم أن كون اليمين على معصية لم يكن موجبا عنده أنه لا كفارة فيها وقد قال تعالى في آية الإيلاء {2: 226 فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم} ولم يكن تركه ذكر الكفارة هنا بمسقط عنه الكفارة كما ظنه طائفة من الناس وهو القول القديم للشافعي لا سيما مع قوله {فإن الله غفور رحيم} فإنه قد قال في الآية الأخرى {لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم • قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} فلم يكن ذكر المغفرة والرحمة بمسقط عنه الكفارة بل فرض الكفارة عليه من مغفرته ورحمته فإنه بذلك حل عقد اليمين ولولا ذلك لكانت معقودة لا سبيل إلى حلها وهذا خلاف موجب المغفرة والرحمة وأما تحليلها بالكفارة فهو من مغفرته سبحانه ورحمته ولذلك قال {2: 225 لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} ولم يذكر الكفارة.
فلما كان الله ورسوله يأمر بالحنث في اليمين تبين أنه لا يجب أو لا يجوز الوفاء بها ولم يذكر الكفارة لأنه قد بينها في موضع آخر وعلم ذلك المسلمون.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث عقبة بن عامر أنه قال «كفارة النذر كفارة يمين».
Shafi 53