قيل هو صلى الله عليه وسلم في هذا المقام كان محتاجا إلى أن يبين أن مثل هذا النذر لا يوفى به فإن موجب النذر الوفاء فالناذر يعتقد أن عليه الوفاء بكل ما نذره ولهذا كان هذا قائما ضاحيا صامتا وهذا يهادى بين رجلين فبين لهم أن هذا النذر لا يوفى به وكذلك في قصة الناقة كما بين في حديث آخر أن هذا لا يمين فيه أي لا يؤمر فيه بالبر كما في سنن أبي داود وغيره عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب «أن أخوين من الأنصار كان (بينهما) * ميراث فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال إن عدت تسألني القسمة** فكل مالي*** في رتاج الكعبة (1) فقال له عمر بن الخطاب إن الكعبة غنية عن مالك كفر عن يمينك وكلم أخاك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم ولا فيما لا تملك».
فعمر رضي الله عنه يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نفى النذر واليمين في هذه الخصال ومع هذا أفتاه بكفارة يمين وهذا من فقه عمر وحسن فهمه لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه علم أن مراده نفي الوفاء لا نفي الانعقاد أي لا يوفي باليمين ولا بالنذر في المعصية والقطيعة ولا بما لا يملك لم يرد به أنه لا كفارة بذلك عليه.
بدليل أن الحالف على ذلك عليه الكفارة بذلك عند عامة العلماء وهو من العلم العام الذي يعرفه العامة مع الخاصة.
فإذا قيل لا يمين في كذا أي لا وفاء فيها لم يرد أنها لا تنعقد ولا أنه لا كفارة فيها.
ومنه قوله تعالى {9: 12 فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} لم يرد لا تنعقد أيمانهم فإنه قد قال {9: 13 ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} وقال {9: 12 وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} وإنما أراد أنهم لا يوفون بأيمانهم كما قال {9: 10 لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة} أي لا يوفون بالذمة ولم يرد أنه لا تنعقد ذممهم وعهودهم.
Shafi 52