إنهم يفرحون لهذه اللحظات كثيرا ، وكأنهم التقوا بالمراد وعانقوه ، فيصرحون وتعلو أصواتهم ، مما يزيد ويفاقم هذه الحالة عندهم ، ثم يرمون بحالة شبيهة بالاغماء ، وبعدما يصحون ويهدءون من هذه الحالة ، يحكون للناس ما رأوا ظنا منهم أنه كشف.
إنهم في الحقيقة يسعون نحو السراب ظنا منهم أنه ماء ، ورغم عدم وصولهم إلى شيء ، يبتلون بأمور بعيدة عن الحق والحقيقة.
وبعبارة مختصرة : لا يمكننا تصديق كل من ادعى الكشف والشهود ، وكذا لا يمكننا اعتبار كل تمثل وكل نداء إلهيا واقعيا ، وذلك لأن هناك كشفا شيطانيا.
وقد جاء في حديث للإمام علي عليه السلام مع الحسن البصري : أن الإمام عليه السلام مر بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال : يا حسن اسبغ الوضوء ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد قتلت بالأمس اناسا يشهدون أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، يصلون الخمس ، ويسبغون الوضوء ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا ، فقال : والله لأصدقنك يا أميرالمؤمنين لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي وأنا لا أشك في أن التخلف عن أم المؤمنين عائشه هو الكفر ، فلما انتهيت إلى موضع من الخريبة ناداني مناد «يا حسن إلى اين ارجع فإن القاتل والمقتول في النار» فرجعت ذعرا وجلست في بيتي ، فلما كان في اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن ام المؤمنين عائشه هو الكفر ، فتحنطت ، وصببت علي سلاحي وخرجت اريد القتال ، حتى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي : «يا حسن إلى اين مرة بعد اخرى القاتل والمقتول في النار» قال علي عليه السلام : صدقك افتدري من ذلك المنادي؟ قال : لا ، قال عليه السلام : ذاك أخوك ابليس ، وصدقك أن القاتل والمقتول منهم في النار ، فقال الحسن البصري : الآن عرفت يا أميرالمؤمنين أن القوم هلكى (1).
إن نداءات كهذه أشير إليها في القرآن بصفة وحي الشياطين ، حيث يقول تعالى في الآية : ( وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف
Shafi 222