وممن(1) ومن أخذ عنه في العلوم الوزير العلامة الكريم شرف الإسلام الحسن بن علي حنش الأتي ذكره وأنا مرافق له في قراءته عليه، وسيأتي ذكرها في ترجمته وغيرهم ممن يطول تعدادهم[19-أ] وجعل الله تعالى [14ب-ج] في تدريسه بركة (عظيمة) وأعطاه ملكة باهرة في حسن التعليم وإلقاء دقائق المسائل والتعبير بالعبارات العذبة السهلة التي يفهمها كل أحد، فإن التلميذ لا يمضي في البحث إلا وهو في الظهور كشمس النهار، ولا يقرأ عليه أحد إلا نبل ونال حظا وافرا وطالما كان يعرض لي عدة إشكالات مظلمة فيما أقرأه عليه فإذا وقفت بين يديه زالت بمجرد إملائه ببركته وحسن إلقائه، وسهولة عباراته، وكان شديد التواضع في الإقراء لا يرى لنفسه حقا ولا فضيلة، وربما ظهر له في البحث ما هو مرجوح فإذا روجع وظهر له الراجح بادر إلى التسليم ونسب الغلط إلى نفسه، وشكر لتلميذه ذلك الصنيع(2)، وإذا رأى من تلميذه أدنى فائدة أو رآه استشكل أي عبارة حسن له ذلك وعظمه ورفع شأنه، ونوه بذلك عند أصحابه حتى ينشطه للنظر ويرغبه للتأمل، وهذا مع اشتغاله بالفتيا وجوابات الأسئلة الواردة عليه، وتأليف الرسائل ومجالسة إخوانه ومعاشرة أصدقائه، وقضاء حوائج المتوسلين إليه، فإن مقامه في كل يوم لا يبرح عن الأعيان والعلماء والطلبة والأغراب الوافدين والمسترشدين والمستشفعين والمتوسلين ونحوهم من كبير وصغير[10أ-ب] وعظيم وحقير، وهو يقبل على كل واحد منهم، ويقضي حوائجهم كل أحد بحسبه، ويراجع العلماء ويفيد الطالبين، ويطابق مقتضى حال كل أحد منهم مع تواضع شديد [15أ-ج] واحتمال[20-أ] لا يقدر علية أحد، وتودد وصبر وتعظيم للصغير والكبير، وحسن خلق يعجز قلمي ولساني عن وصفة، حتى يضرب به المثل، ولم أرى والله مثل حسن خلقه لأحد من الناس.
Shafi 81